متزوجون و لكن ……

الزواج .. هو ذاك الرابط السحري الذي يربط بين قلبين ليكونا نواة لعائلة جديدة و حب جديد و حياة جديدة من السعادة و الأمل المستمر. و لكن ما يحدث في حياتنا من عبث البعض بمفهوم الزواج لهو من أغرب الغرائب. فبين غير مكترث و بين خائن و بليد المشاعر يتشتت الزواج و تنقلب الحياة الزوجية جحيما لا يطاق.
فأحدهم يخبرني و يقول بأن أجمل أيام الزواج هي أيام الخطوبة. فلو كان كلامه حقا فأنا لا أريد الزواج أبدا و سأفضل ان اكون خاطبا للأبد، لأنني ان فكرت بالزواج سأفكر بالسعادة أولا و أخيرا و ليس تعاسة من بعد سعادة. فكيف يكون الزواج تعاسة وهو تتويج لحب كبير و المفترض ان يكون تتويج لاقتناع بين طرفين؟؟؟
بل ان الأمر يتعدى هذا حينما نجد بعض الأزواج هو نفسه ذلك الشخص قبل الزواج. فهو يعيش حياة العزاب كما هي. فهو نادرا ما يأتي للبيت و يطيل السهر خارج البيت، بل ان ما يرجعه للبيت امران لا ثالث لهما، النوم و الأكل فقط. فأي حياة تعيسة اختارها هذا التعيس. و يا ليتها حياة اختارها لنفسه، ولكنها حياة اختارها لمن ارتضت ان تكون شريكة حياته. ولكن مثل هذا مستحيل ان يقدر التضحيات التي بذلها احد في حقه، بل انه بالأساس دائما ما يظن انه هو المتفضل على الطرف الاخر بكل شيء، فيالتفاهة الأفكار و خسارة الرجال عندما يكونون بمثل هذه الوضاعة و السفاهة.
و اما الطامة الكبرى، و المصيبة العظيمة، الخيانة الزوجية، فذلك الزوج – وحتى احيانا الزوجة – ارتضى بأن يسخر فرجه للحرام و قد رزقه الله الحلال يأتيه متى يشاء. ففي بيته دائما ما نجده عابسا مظلم الوجه، سريع الغضب، يريد الخروج بأسرع وقت من البيت. لا يعرف من الحب الا اسمه، و يفقه في السباب و الشتم كل صغيرة و كبيرة. لا يتواني في استخدام يديه في معاملته، و لا يعرف من الزواج الا النوم والأكل فقط، كالحيوان بل هو أشد بلادة من الحيوان. و لكن خارج البيت مع رفيقات الهوى و الغرام، نجده غير ذلك الانسان، فهو كالكلب امام معشوقته، لا تكاد تطلب شيء الا و لبى لها كل طلباتها و أكثر حتى. معها يعرف كل قواميس الحب و الهيام، و ينسى كل معاني الرجولة و الأدب. لانه مستعد ان يقبل قدميها من اجل نظرة او قبلة منها. فتبا لذلك الاخرق البليد، و سحقا له سحقا.

متى سيعي الجميع بأن الزواج هو نواة لكل شيء، فهو نواة العائلة المحبة و السعادة و الامل و الطموح و المسؤولية بكل معانيها، متى سنجرب أن نعيش حياة الزواج بكل ما تعمله من معاني، بحلوها و مرها. متى نعلم باننا يجب ان نتحمل مسؤولية هذا الزواج، و ان تلك الكائنات الصغيرة التي صارت تتجول في البيت ما هم الا نتاج هذا الزواج. فان لم يرق قلبك لتلك الزوجة التي تحملتك و تتحملك كل يوم، فليرق لأؤلئك الاطفال الصغار. و لكن للاسف ما لجرح ميت ايلام.

هل بعدما اغناك الله بحلاله عن الحرام، و صارت لك تلك الزوجة حلالا تأتيها متى شئت، فهي تسعد لسعادتك و تحزن لحزنك، تاتي متعبا فتجد طعامك جاهزا، و تقوم صباحا و تجد ملابسك جاهزة، و تأتي ظهرا فتجد سريرك مرتبا، و بعد هذا تختار الحرام؟؟؟؟ الهذه الدرجة هانت عليك نفسك و اهلك؟؟ الم يردك يوما نظرة زوجتك لك بكل احترام؟؟ او لم تردك ابتسامة طفلك الصغير و هو ينظر لك كقدوة في حياته. فسبحان الله من رجل يراد له ان ينجو من الغرق و هو مصر ان يرمي بنفسه وسط الامواج العاتية.

كتبه
فخر الشمال

زر الذهاب إلى الأعلى