قال الكاتب محمد الساعد، واجهت السعودية طوال تاريخها السياسي حوادث وعقبات كبرى كان من الممكن أن يؤدي واحد منها إلى تقزيم دورها أو إنهاء مشروعها الحضاري الممتد من 300 عام، إلا أن حكمة ودهاء حكامها وخبراتهم السياسية المتراكمة والتفاف مواطنيها حولها ساعدها في تجاوزها والخروج منها بأقل الخسائر وبانتصارات مذهلة.

وأضاف في مقال منشور له بصحيفة عكاظ بعنوان “10 حوادث كبرى خرجت السعودية منها أقوى مما كانت!”، قائلًا أول تلك الحوادث جرى قبل أكثر من 100 عام خلال معارك التوحيد التي خاضها الملك عبدالعزيز ومعه رجاله من أبناء القبائل والأسر السعودية الذين آمنوا بمشروعه الوحدوي وساندوه لاستعادة دولته الثالثة، كانت المنطقة تعج بالصراعات وتشتعل بجانبها حربان عالميتان قتلتا وشردتا عشرات الملايين، جاءت حرب «السبلة» وهي تمرد داخل قوات المجاهدين قاده بعض المتطرفين الذين تصوروا أن واجبهم الديني يقضي بفرض تصرفات متطرفة خارج أوامر الملك كأحد تحديات التأسيس الكبرى، بالطبع رفض الملك المؤسس تلك الرؤية الرجعية المتخلفة واستطاع القضاء عليها في مهدها.
وتابع الحادثة الثانية.. ما إن بدأ الملك عبدالعزيز في بناء دولته الجديدة ورعاية شؤونها حتى روج أعداؤه تهماً باطلة عن هدم القبة الشريفة والتعرض للحجرة النبوية، بالطبع كانت كذبة «سوداء» أطلقها زعماء وسياسيون منافسون هدفوا لوأد المملكة السعودية في بداياتها، التهمة كادت أن تعصف بسمعة البلاد إلا أن حكمة الملك عبدالعزيز قادته لعقد مؤتمر إسلامي كبير دعا فيه زعماء وعلماء العالم الإسلامي لمناقشة قضاياهم والتأكد عن قرب كيف تحمي المملكة المقدسات ولا تتعرض لها كما زعمت الإشاعات، بالطبع نجح الملك وتُوِّج خادماً للحرمين الشريفين ونال ثقة العالم الإسلامي.
وأضاف الكاتب، الثالثة.. الحروب الإعلامية والمؤامرات ومحاولات الانقلابات التي دعمتها قوى البعث واليسار والشيوعيون والقوميون العرب ضد السعودية، كانت بداياتها فترة الملك سعود وازدادت ضراوتها في عهد الملك فيصل، وجاء الانقلاب ضد الملكية في اليمن كنتيجة لذلك الصراع المرير بين الدول الملكية ودول الانقلابات العسكرية، انحازت مصر عبدالناصر مع الثوريين اليمنيين ودخلت في حرب مفتوحة ضد المملكة وصلت لحد قصف مدن سعودية بالنابالم بدءاً من حدود اليمن وحتى الطائف، ومع ذلك كله استطاعت الرياض تجاوزها وكسر ضراوتها بجميل حلمها وطول صبرها.
وأكد، رابع تلك الحوادث وأكثرها قساوة هي حادثة احتلال جهيمان وعصابته للحرم المكي الشريف وتدنيسه لأقدس أماكن المسلمين، لقد صدم جهيمان السعوديين بقتله المئات من الحجاج والمعتمرين والمصلين إضافة للمدنيين ورجال الأمن، كانت هزة عنيفة أصابت وجدان السعوديين، لكن الرياض تعاملت معها بظروفها كما يجب وتجاوزتها وقضت عليها وعلى مهدداتها.
وقال “الساعد”، التحدي الخامس.. كان حرب إيران ضد العراق ومحاولتها تصدير ثورتها لدول الخليج واختراق البوابة الشرقية للعالم العربي، أدى ذلك لدخول الرياض وطهران في اشتباكات عسكرية مباشرة فوق الخليج، إلا أن الرياض تحملت العبء المالي والعسكري ومدت العراق بما ساعده على الوقوف أمام المشروع التخريبي لملالي إيران.
وذكر أن، التهديد السادس والخطير كان احتلال العراق للكويت واندفاع مليون جندي عراقي إلى الحدود السعودية، هنا أيضاً ظهرت حكمة السعودية وقائدها الملك فهد، الذي استطاع قيادة بلاده نحو الانتصار وجلب 30 دولة للمساهمة في تحرير الكويت والقضاء على الخطر العراقي.
وتابع، سابعاً.. أحداث الحادي عشر من سبتمبر ويمكن تصنيفها على أنها أخطر ما مر على البلاد منذ قدوم إبراهيم باشا المبعوث التركي لهدم الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى والقضاء عليها وقتل أهلها وأمرائها وتشريدهم وأسرهم، لقد هدف المخططون من عملية سبتمبر لتوريط الرياض في حرب وجود لا قدرة لها عليها مع أمريكا، لكن وهنا وأكثر من أي مرة سابقة تجلى الإرث السياسي بين الدولتين والحكمة والخبرة والذكاء في التعامل مع الحادثة المهولة والخروج من آثارها.
التهديد الثامن.. كان نقل القاعدة لإرهابها من أفغانستان إلى السعودية بدعم مباشر من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وبتسهيل من قطر التي سمحت لقادة القاعدة بدخول أراضي المملكة ومنحتهم جوازات السفر والمال والسلاح، كانت حرب إرهاب وقتال في المدن والمجمعات السكنية راح فيها مئات من الأبرياء، لكن الرياض المتيقظة لم تحد من خطرهم فحسب بل وأنهت وجودهم من أراضيها تماماً.
وقال، التاسع.. هو مشروع «الخريف العربي» وما تضمن من محاولات لتفتيت السعودية وتقسيمها ونقل الثورات إليها، بدءاً من هدم الدول السنية الحليفة لها تونس ومصر، وانتهاءً بنقل الصراع إلى خواصرها البحرين واليمن، إلا أن الرياض استطاعت كما عُرف عنها احتواء الأزمة أولاً والاندفاع للقضاء عليها في مهدها في البحرين واليمن ثانياً، ودعم مصر وتونس لاستعادة دور الدولة المركزية.
واختتم مقاله قائلًا، التحدي العاشر.. كان حادثة إسطنبول الأخيرة، هذه القضية المعزولة في تفاصيلها، حاول أعداء الرياض استثمارها لتكون رافعة جديدة لمشروع القضاء على السعودية التي استعصت عليهم كثيراً، أو على الأقل جرها لمربع الاضطرابات والحصار، إلا أن «طائر العنقاء السعودي» يثبت مرة تلو الأخرى أنه قادر على الخروج من رماد الأزمات والمؤامرات، والانتقال منها إلى مرحلة الانتصارات الصلبة.

شاركها.