مختارات من قصص صناع الأمل في العالم العربي

منذ إطلاقها مطلع مارس (آذار) 2019، نجحت مبادرة “صناع الأمل” في اجتذاب عدد كبير من المشاركات من شباب وشابات من مختلف أنحاء العالم العربي يتطلعون إلى المساهمة في نشر الأمل وصنع تغيير إيجابي. حتى اليوم، تلقت مبادرة “صناع الأمل” آلاف قصص الأمل من أفراد ومجموعات، لديهم مشاريع ومبادرات، يسعون من خلالها إلى مساعدة الناس وتحسين نوعية الحياة أو المساهمة في حل بعض التحديات التي تواجهها مجتمعاتهم.

وتسعى مبادرة صناع الأمل إلى نشر قصص ملهمة من العالم العربي لأشخاص كانوا مصدر إلهام للآخرين الذين يتطلعون إلى تغيير مجتمعاتهم نحو الأفضل، نستعرض بعض القصص التي تفتح نافذة أمل وتفاؤل وإيجابية في العالم العربي.

القصة الأولى
حول جورجي زوين شغفه بسباقات الكارتينج إلى مبادرة إنسانية هدفها إسعاد الأطفال وإدخال البهجة والسرور إلى نفوسهم، حيث فضل جورجي ألا يستمتع بهوايته منفرداً، ولكنه أرادها أن تكون سبباً في السعادة للآخرين ومصدراً للفرح لهم أيضاً.

بدأ عشق جورجي زوين لسباقات الكارتينج منذ السادسة من عمره، وفي ظل الدعم المستمر الذي تلقاه من والده، تمكن جورجي من صقل موهبته التي مكنته من المشاركة في العديد من السباقات في مختلف الدول العربية والأوروبية والأمريكية، وشهدت مسيرة جورجي تحولاً جذرياً في العام 2016 بعد فوزه بسباق كندا للفئات العمرية (فئة الناشئين)، حيث حصل على مبلغ من المال ولم يعرف كيفية إدارته.

كسائر الأطفال في الوطن العربي، رأى جورجي العديد من أبناء جيله من هم بحاجة إلى الدعم اللازم، حيث ألهمت الحياة الصعبة التي كان يعيشها هؤلاء الأطفال جورجي على البدء في مشاركة الأطفال الآخرين الفرح والسعادة التي افتقدوها، وعليه قرر جورجي إطلاق مبادرة تعيد البسمة والسرور والطمأنينة على وجوه الأطفال من خلال القيام بمبادرات أو نشاطات من شأنها إحداث تغيير نوعي على حياتهم اليومية.

ومن دون أي توجيه من والديه، قرر جورجي التبرع بكامل المبلغ الذي حصل عليه من سباق كندا لمركز “مار سمعان” في لبنان والذي يعنى بالأطفال المحتاجين والمشردين الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات، وفي سياق متصل، قام جورجي بإطلاق مبادرة جديدة تحت عنوان “التسابق من أجل السعادة” “Racing For Happiness” بهدف تشجيع الأشخاص على التبرع لمركز “مار سمعان”.

وتمكن جورجي بالفعل من مساعدة 34 طفلاً حتى الآن منذ إنشاء هذه المبادرة، 7 منهم خلال هذا العام، وبعد الزيارة التي قام بها إلى قسم الحضانة الداخلية في المركز في وقت سابق من هذا العام، تأثر كثيراً بالمشاهد التي رآها، ما دفعه إلى مضاعفة الجهد والعمل من أجل وضع الابتسامة على الأطفال المحتاجين.

كما يبدي جورجي ثقته الكاملة بأبناء جيله الذين يستطيعون المساعدة كغيرهم على بناء مجتمع على أسس التعاون والتسامح وحب الآخر. فهذه التبرعات تذهب إلى مدرسة الحضانة التي بدورها تساعد مئات الأطفال المحتاجين وتعمل على انخراطهم في المجتمع دون التأثير المحتمل على بناء شخصيتهم.

القصة الثانية
ينفق عازف آلة القانون التونسي محمد على التريكي جانباً من وقته في إسعاد الناس بالموسيقي، ليس في قاعة ولا حفل ولا دار أوبرا، ولكن في الشوارع والمستشفيات ووسائل المواصلات، وبذلك حول موهبته إلى استثمار حقيقي في صناعة الأمل والسعادة لمن حوله.

وحظيت زيارة عازف القانون ابن مدينة صفاقس قبل أيام إلى مستشفى شارل نيكول بالعاصمة التونسية، حيث عزف عدة مقطوعات على آلة القانون لمرضى الفشل الكلوي الذين يقومون بعمليات غسل الكلى، باحتفاء خاص من رواد وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن نشر مقطع فيديو على حسابه الرسمي.

ووفق مقطع الفيديو عبر المرضى عن سعادتهم بهذه المبادرة حيث تفاعلوا مع عزف التريكي بالتصفيق والزغاريد، ولم تكن زيارة التريكي لمستشفى شارل نيكول وعزفه للمرضى مبادرته الوحيدة، إذ سبقتها مبادرات مماثلة حيث عزف عدة مقطوعات خلال رحلات القطار على خط تونس صفاقس، كذلك خلال رحلة لباخرة ”اللود” حيث قوبل بتفاعل كبير من جانب المسافرين .

وقد اعتاد العازف الموهوب العزف مجاناً للناس في الشارع لإدخال البهجة إلى نفوسهم، خصوصاً في منطقة سيدي بوسعيد حيث يعزف في كل مرة أغاني معروفة بعد تطويعها على آلة القانون وتقديمها في شكل مختلف للمستمعين.

وقد تمكن صانع الأمل الفنان رغم صغر سنه (28 عاماً)، من تحقيق العديد من النجاحات المهنية التي سجلها من خلال مشاركاته في عروض وحفلات ومؤتمرات وطنية ودولية من المستوى الرفيع على غرار مشاركته في المؤتمر الدولي للتطور الثقافي و كذلك مهرجان أكتوبر 2013 للموسيقى صحبة عازفة البيانو الألمانية مرايكا برونغ. كما سجل مشاركته الناجحة في المهرجان الدولي لكازا بلانكا بالمغرب مع النجم اللبناني مروان خوري والذي كان له معه كذلك إسهام في المهرجانات الوطنية الدولية منها المهرجان الدولي للمنستير -قفصة، قابس-الجم-بنزرت.

القصة الثالثة
لم ينتظر الطالب اليمني عبدالله الدلالي أن تضع الحرب في وطنه اليمن أوزارها حتى يواصل مبادرته الإنسانية التي بدأها منذ سنوات بدعم من متطوعين من مختلف أطياف المجتمع اليمني لمساندة أبناء بلدهم ورسم الابتسامة على وجوه الأطفال.

فمع اقتراب شهر رمضان المبارك من كل عام، يبدأ عبدالله وزملاؤه من المتطوعين في حملة “كالبنيان” الخيرية الإعداد على مدى أشهر لتأمين كسوة العيد للكثير ممن ضاق بهم الحال، يشحذون هممهم ويبدؤون رحلات ميدانية مكوكية لجمع الثياب من المتبرعين وفرزها ونقلها وغسلها وكيّها وتوضيبها وتخزينها لتقديمها لعشرات آلاف المستفيدين في مدارس اليمن ومراكزها التجارية قبل حلول عيد الفطر السعيد.

يرى عبدالله ورفاقه المبادرة، التي يحب أن يسميها “بنك الكساء اليمني”، رسالة أمل وتفاؤل بالمستقبل توحد اليمنيين في فرحة العيد وتضع كل الخلافات والانتماءات جانباً.

يفخرون بأنهم يعملون من أجل اليمن وأهله واستعادة الأمل في وجوه أبنائه وخاصة الأطفال والأجيال الصاعدة، منتصرين على كل الظروف والتحديات والعوائق.

بداية المبادرة
وبعد أن بدأت المبادرة في عامها الأول مع 15 متطوعاً لا غير، استطاعت في شهر رمضان الماضي أن تحشد أكثر من 850 جلهم من الشباب اليمني الذي وضع طاقاته وقدراته وتطوع بوقته ومجهوده لبلده ومجتمعه.

وتمكنت الحملة من توسيع نطاق المستفيدين من جهودها من 350 أسرة لدى انطلاق المبادرة إلى ما يقارب 11 ألف أسرة في رمضان الماضي بواقع 66 ألف شخص في المشروع الموسمي الذي يحمل كسوة العيد مغلفة بابتسامات المساندة والدعم الذي يعزز تلاحم المجتمع وتضامن فئاته معاً في الملمات والظروف الصعبة.

ولأن معظم القائمين على المبادرة هم من جيل الشباب المطلع على أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، تم تسخير مختلف تطبيقات الاتصال الرقمي والسريع لتسهيل الأمور اللوجستية على الأرض وجمع مساهمات المتبرعين من جهة وحصر أسماء المستفيدين والأسر المحتاجة من جهة ثانية، حتى أن “كالبنيان” تستخدم أسرع سبل تحديد الهوية باستخدام تقنية بصمة العين لتوفير الوقت أثناء توزيع كسوة العيد وتوفير خيار سهل وسريع لمن لا يحملون أوراقهم الثبوتية معهم.

زر الذهاب إلى الأعلى