مراحل نمو الطفل في رحم الأم

مراحل نمو الطفل في رحم الأم .تعد مرحلة تكوين الأجنة من أعجز معجزات الخالق عز و جل، فهو القادر سبحانه على تسيير مراحل نموهم و إبداع خلقهم. قال الله تعالى:(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[المؤمنون: 12-14]

يبلغ طول فترة الحمل الطبيعية الكاملة عند الإنسان أربعين أسبوعًا أو 280 يومًا أو عشرة أشهرٍ قمرية (أو تسعة أشهرٍ شمسيّة كما هو متعارفٌ عليه) يتم حسابها منذ بداية اليوم الأول للطمث الأخير عند المرأة.

في خلال الحمل، تتوالى أشهر التكوين و الخلق لينفض عنها أخيرًا جنينٌ متكامل النمو و على استعدادٍ تامٍّ لاستقبال دورته الحياتية التي خصه الله بها عز و جل. و لعلنا نسرد مراحل تكوين الجنين مفصلةً بحسب أشهر الحمل القمريّة.

مراحل نمو الطفل في رحم الأم

مراحل تكوين الجنين خلال الأشهر الخمس الأولى من الحمل

تبدأ في الشهر الأول من تكوين الجنين عدد من التطورات المفصلية الخلقية، و هي كالتالي:

  • من اليوم الأول و حتى الخامس (عند أغلب النساء): يحدث الطمث (Menstruation).
  • خلال اليوم الرابع عشر: تحدث الإباضة (Ovulation) و هي عملية إنتاج و طرح البويضة من المبيض، و في حال الجماع و دخول الحيوانات المنوية تحدث عملية تلقيح البويضة (Fertilization) من قبل الحيوان المنوي –بإذن الله تعالى-.
  • من اليوم الرابع عشر و حتى العشرين: تبدأ رحلة هجرة البويضة الملقحة (Fertilized egg) و تكوّن ما يعرف بالجسم التوتي (Morula) و المكون من اثنتي عشرة خلية.
  • من اليوم العشرين و حتى الثاني و العشرين: يحصل التعشيش (Implantation) و هي عملية التصاق البويضة الملقحة ببطانة الرحم و ولوجها إليه.
  • من اليوم الثاني و العشرين و حتى الثامن و العشرين: يبدأ نمو الرحم بالتّجهز للحمل و تتشكل خلال هذه المرحلة المشيمة الأولية.

و وصولًا إلى هذه المرحلة يبلغ عمر الحمل الفعلي أربعة عشر يومًا ابتداءً من تاريخ التلقيح. يتشكل خلال الشهر الأول من الحمل رأس المضغة (Embryo) و جذعها و ينتفخ مكان القلب فيتشكل، كما تبدأ ملامح الأطراف العلوية و السفلية بالظهور.

مراحل نمو الطفل في رحم الأم

خلال الشهر الثاني من الحمل (8 أسابيع) يكبر محصول الحمل (المشيمة و توابعها) و الجنين بحيث يصبح كلاهما بحجم ثمرة الليمون تقريبًا، و تتشكل المشيمة بكفاءتها التامة و تبدأ عملها المتمثل في توفير الغذاء و الدورة الدموية للجنين. كما ينتفخ مكان القلب مما يساعد على مشاهدة نبضاته الأولية من خلال أجهزة الصدى (السونوغراف، الإيكو). كما تبدأ براعم العينين و الأذنين بالتشكل و الظهور أوليًّا مع بقاء الجفنين متصلين ببعضهما البعض. و يبدأ تشكل الأجهزة الرئيسية للجنين، و بانتهاء الشهر الثاني من الحمل تنتهي المرحلة المضغية لتبدأ المرحلة الجنينية (Fetus).

خلال الشهر الثالث من الحمل (12 أسبوعًا) يبدأ رأس الجنين بالكبر إلى أن يصبح أكبر من جذعه و تتشكل ملامح وجهه بوضوح مبدئي تظهر من خلاله العينان و الفم و اللسان. كما يتطور نمو أطرافه لتأخذ شكلها المعروف. و يبدأ خلال هذه المرحلة أيضًا تكون الكليتين اللتان ستبدآن بإفراز البول إلى المثانة و يظهر خلالها أيضًا شعر رأس الجنين. كما تتم خلالها تشكل أجهزة الجنين الباطنية لتبدأ مرحلة نضجها و يتميز جنس الجنين بوضوح كما تبدو حركته واضحة بواسطة أجهزة الصدى دون أن تشعر بذلك المرأة الحامل.

يستمر نمو الجنين سريعًا خلال الشهرين الرابع و الخامس من الحمل فتنضج أجهزته الباطنية و يأخذ وجهه شكل وجه الإنسان الطبيعي بمنظور أوليّ كما تظهر الحواجب و يزداد نمو شعر رأسه. و خلال هذه المرحلة ينتقل الجنين إلى درجة متطورة من الحيوية فتزداد حركته داخل الرحم و يبدأ في الدوران ليأخذ أوضاعًا مختلفة يتم استشعارها من قبل أمه. كما تظهر على صدره حركات تنفسية يتم ملاحظتها من خلال أجهزة قياس الصدى. كما يسهل سماع دقات قلبه النابض بالحياة بواسطة سماعة الولادة الخاصة. و بنهاية هذه المرحلة الحيوية من الحمل يصل طول الجنين إلى ما يقارب الخمس و العشرين سنتيمترًا و وزنه ما يقارب الأربع مائة غرامًا.

مراحل نمو الطفل في رحم الأم

مراحل تكوين الجنين خلال الأشهر الخمس الأخيرة من الحمل

يتابع الجنين نموه السريع خلال الشهر السادس من الحمل (24 أسبوعًا)، و يبدأ الوبر الناعم بتغطية جلده المجعد المائل للحمرة. و تبدأ أجفانه بالإنفصال عن بعضهما البعض و تظهر عليها الأهداب، و خلال هذه المرحلة من الحمل يصل طول الجنين إلى ثلاثين سنتيمترًا و يصبح وزنه سبع مائة غرامًا. و نظرًا لعدم نضج رئتيه بشكل كامل و صعوبة الاعتماد عليهما فلا يمكنه العيش خارج الرحم إلا لبضع ساعات ما لم تتوفر العناية الفائقة له و بعد توفيق الله و قدرته سبحانه.

خلال الشهر السابع من الحمل (28 أسبوعًا) يستمر نمو الجنين بشكل حيويٍّ و أسرع من ذي قبل، فتستمر حركته الداخلية الحيوية داخل الرحم مصحوبةً بالتمطط و الرفس الذي يتم استشعاره بوضوح من قبل الأم، و يبدأ بمص إبهامه كما تبدأ عيناه بالإستجابة لرغبته في فتحمهما أو إغلاقهما. و يبلغ وزنه خلال هذه المرحلة الألف غرام.

يزداد وزن الجنين و حجمه بسرعة خلال الشهر الثامن من الحمل (32 أسبوعًا)، و تبدأ عظامه بالطراوة بعدما كانت قاسية متكلسة في الشهر السابع من الحمل لتصبح قابلة للانحاء حسب حركته. كما يتم ملاحظة رفساته من قبل الأم بشكل دوريّ و قوي. و خلال هذه المرحلة يتابع الجنين نموه ليصل طوله إلى الأربعين سنتيمترًا و وزنه ما يقارب الألف و خمس مائة غرامًا إلى الألفين غرامًا. و تزداد قابلية حياته –بإذن الله- خارج الرحم بنسبة عالية ما إن توفرت العناية الفائقة له.

يكون الجنين في كامل نضجه خلال الشهر التاسع من الحمل (36 أسبوعًا)، و يصبح مستعدًا للولادة بعد اتخاذه للوضع الملائم لها داخل رحم أمه حيث يكون رأسه إلى الاسفل و ساقاه إلى الأعلى و على ارتباط مباشر بفخذيه. و خلال هذه المرحلة يصبح طوله أربعًا و خمسين سنتيمترًا و وزنه ألفين و خمس مائة غرامًا. و بعد ستة أيامٍ من بداية الأسبوع السادس و اعشرين يتجاوز الجنين مرحلة الخداجة (Prematurity) إلى مرحلة الطفل الناضج (Full term baby).

خلال الشهر العاشر من الحمل (40 أسبوعًا) يعتبر الجنين طفلًا وليدًا كامل النمو حيث يبلغ طوله ما يقارب الخمسين سنتيمترًا و وزنه ما يقارب الثلاثة آلاف و خمس مائة غرامًا. حيث يعتمد وزنه على عدة عوامل عرقية و بنيوية و اقتصادية و بيئية (التدخين مثلًا: فقد أثبتت الدراسات أن المرأة الحامل المدخّن تزيد نسبة ولادتها بطفلٍ خديج أو صغير الحجم)، و يفوق وزن الطفل الذكر طبيعيًّا وزن الأنثى بما يقارب المائة إلى المائة و الخمسين غرامًا. و يكون جلده طريًّا ناعمًا مائلًا إلى اللون الوردي و مغطًّ بطبقة دهنية على منطقة الظهر و الكفين. أما عظام رأسه فتكون متحركة بعضها ببعض يربطها نهاياتٌ غضروفية و يحوي على ما يسمى لغةً بـ(اليافوخ – Fontanel) و هي فتحة غشائية في أعلى الرأس لا تغلق و لا تتكلس إلا في الشهر الثاني عشر إلى الثامن عشرة من عمره.

زر الذهاب إلى الأعلى