معجزة الصيام في علاج الامراض

معجزة الصيام في علاج الأمراض(1)

شرع اللَّه جل وعلا الصيام لحكم عديدة؛ منها ما يتعلق بسمو النفس وتهذيبها، ومنها ما يتعلق بصحتها وعافيتها.

ولئن كان الصيام شرع للأمم السابقة من قبلها فإنه في شريعة الإسلام يعتبر أشمل وأكمل، سواء من ناحية كيفيته أو من ناحية ما يتعلق به من فوائد ومنافع.

ومنذ سنوات عدة احتل الصيام مكانة واضحة بين الأبحاث التي تقوم بها كثير من المعاهد والمؤسسات البحثية في العالم، خصوصاً في الغرب بعد أن تنبهوا إلى الفوائد الصحية للصيام – والتي لا توجد في غيره – سواء كانت علاجية أو وقائية، النفسية منها والجسمية، فدعا ذلك المهتمين إلى عقد المؤتمر العالمي الأول عن الفوائد الصحية لصيام رمضان في عام 1994م في الدار البيضاء، وقدمت فيه 50 ورقة بحثية، شارك فيها علماء من مختلف بقاع الأرض، على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم.

وقد أظهرت تلك البحوث العديدة من الفوائد الصحية للصيام عموماً، ولصيام شهر رمضان على وجه التخصيص، وما زال علماء الطب والغذاء يتسابقون لاكتشاف الفوائد الصحية والنفسية العائدة من خلال الصيام.

ويتفق أطباء المسلمين القدماء والطب الحديث على فوائد الصيام، وما يحدثه من تقليل أو منع للأمراض وتجديد للخلايا.

يقول ابن القيم رحمه اللَّه: وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحمايتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد لها ما استلبته منها أيدي الشهوات.

ويقول الطبيب السويسري الشهير باسيلوس: إن فائدة الجوع في العلاج قد تفوق بمرات استخدام الأدوية.

أما الدكتور / روي ولفورد فيقول في مؤتمر عقد لبحث مظاهر الشيوخة: إن أغلبية الناس تأكل أكثر مما تحتاجه أجسادها، وإن قلة الأكل تؤدي إلى طول العمر، وقد أوصى دكتور ولفورد أن تصل قلة الأكل إلى حد الصيام.

ولا تقتصر فوائد الصيام على تلك الفوائد العامة السابقة، بل إنها تشمل شفاء العديد من الأمراض.

وللصيام أيضاً الأثر الفعال على الأعصاب وتهدئتها، وكذلك تهدئة حالات الصرع، وهذا ما أكده الدكتور ألان كوت في كتابه «الصوم الطبي» حيث يقول: «والمعروف أن ما يقارب نصف عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية يشكون في نومهم – أحياناً أو دائماً – أنهم يلاقون المصاعب في النوم أو الاستمرار فيه أو في كلا الأمرين معاً، في حين أن الكثير ممن يعانون الأرق يكتشفون خلال الصيام أو بعده بقليل أنهم أصبحوا ينعمون بنوم أفضل مما كانوا عليه خلال السنوات السابقة، لما للصوم من تأثير عجيب وفعال في تهدئة الأعصاب وإزالة الاضطرابات».

هذا، وقد قام الأطباء في مستشفى جون هوبكنز في الولايات المتحدة الأمريكية بعمل دراسة لآثار الصيام على مرضى الصرع بالمستشفى، حيث أثبتت الدراسة تحسن حالة 28% من مرضى الصرع تحسناً ملحوظاً نتيجة استخدام الصيام كنوع من العلاج، هذا بالإضافة إلى الدور المهم الذي أحدثه الصيام في إمكانية السيطرة على ما يقارب ربع نسبة الحالات الحرجة والتي كان يصعب السيطرة عليها.

وبالإضافة إلى ما ذكر يؤكد الأطباء أن الصيام يعتبر عاملاً مهماً في رفع مستوى أداء عملية التمثيل الغذائي، والتي يعتبر خللها أحد عوامل الإصابة بالسمنة (بالإضافة إلى العوامل النفسية والعقلية)، ويمثل أحد وسائل الحمية المعتدلة، إذا ما اتسم سلوك الصائم الغذائي بالاعتدال، حيث ينخفض في أثناء فترة الصيام، مستوى السكر بالدم، وهو ما يجعل الجسم يعتمد على مخزونه لتأمين السعرات الحرارية بالإضافة إلى الأخذ من مخزونه الشحمي لتوفير الطاقة اللازمة للقيام بالاحتياجات اليومية، فهو في الحقيقة مفيد جدّاً لمرضى السمنة ومرضى السكر الذين لا يعتمدون على الأنسولين.

أما تخليص الجسم من السموم والميكروبات فإن للصيام دوراً كبيراً في ذلك، وهذا ما أثبته د. روبرت بارتولو حيث يقول: لا شك أن الصوم من الوسائل الفعالة في التخلص من الميكروبات، وبينها ميكروب الزهري لما يتضمن من إتلاف للخلايا، ثم إعادة بنائها من جديد.

عن كتاب الصوم الطبي

زر الذهاب إلى الأعلى