مقالة

عبد الرحيم فقرا: مشاهدينا في كل مكان أهلا بكم جميعا في حلقة جديدة من برنامج من واشنطن، خلال عام 2008 بينما وقفت المصارف الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا على شفا الانهيار شهدت مصارف الشرق الأوسط وآسيا التي تتخصص في النظام المصرفي الإسلامي نجاحا كبيرا ففي مواجهة حالة الركود الاقتصادي العالمي شهدت الأرصدة المشتركة لأكبر مائة مصرف إسلامي نموا تحدى قانون الجاذبية إذ بلغت نسبته 66% خلال ذلك العام، هذا ما كتبه توم هانغلي قبل حوالي أسبوعين في موقع غلوبل بوست. عاملان إضافيان أسهما في شد مزيد من الاهتمام إلى مسألة النظام المصرفي الإسلامي في الغرب أولهما الأزمة المالية الأخيرة في إمارة دبي التي تعتبر أحد أهم معاقل النظام المصرفي الإسلامي في العالم، أما ثانيهما فهو استعار الجدل مجددا حول الإسلام في ظل اتهام النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب بمحاولة تفجير طائرة أميركية يوم عيد ميلاد السيد المسيح، فبينما يشدد أنصار النظام المصرفي الإسلامي على أهمية خلوه من الربا يدافعون عنه أيضا كنظام أخلاقي ينأى بنفسه عن الاستثمار في منتجات كالكحول والخلاعة والقمار مثلا، أما منتقدوه كالأميركي كريستوفر هولتن من مركز سياسة الأمن فيرون فيه غطاء لتوفير الدعم المالي لما يصفونه بالحركات الإرهابية حول العالم ولاختراق نمط العيش الأميركي.

يسعدني أن أرحب بضيوف هذه الحلقة، إبراهيم عويس مستشار اقتصادي دولي وأستاذ سابق في الاقتصاد بفرع جامعة جورج تاون في قطر وفي جامعة هارفرد، محمود الجمل رئيس قسم الاقتصاد وأستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة رايس بهيوستن تكساس، ومن دبي ينضم إلينا قاسم دخل الله أستاذ العلوم المالية والاقتصاد بالجامعة الأميركية بدبي.. مرحبا بكم جميعا.

دور صندوق النقد الدولي
وتفاعله مع اقتصادات العالم
عبد الرحيم فقرا: قبل أن نفتح النقاش نتحول إلى صندوق النقد الدولي ففي لقاء خاص مع الجزيرة شمل عدة قضايا عرج مدير الصندوق دومينيك ستراوس كان على مسألة النظام المصرفي الإسلامي لكنه علق في بداية اللقاء على الأزمة المالية العالمية التي يقول منتقدو الصندوق إنها قد أنعشت دوره في اقتصاديات العالم بعد أن كان ذلك الدور قد وقف هو أيضا على شفا الانهيار قبل الأزمة.
[شريط مسجل]
دومينيك ستراوس كان: آمل أن يكون الاقتصاد العالمي هو الفائز الأكبر في النهاية، سيكون لدينا نموذجا جديدا للنمو بعد الأزمة، نموذج أقل مخاطر واكثر قابلية لتحقيق النمو المتوازن، يمكننا أن نقول إن صندوق النقد الدولي أثبت جدارته خلال هذه الأزمة من حيث أنه أفاد أعضاءه لكنك على حق لقد تداول البعض قبل سنوات قليلة فكرة هل نحن بحاجة إلى صندوق النقد الدولي أم لا، أما الآن فهذا التساؤل غير مطروح وسواء نظرنا إلى مجموعة العشرين أو سواها من البلدان فما نسمعه اليوم من خلال محاوراتنا مع الدول الإفريقية وغيرها هو أن صندوق النقد الدولي تطور وهو الآن يقوم بعمل عظيم في مساعدة البلدان الضعيفة خلال هذه الأزمة.
عبد الرحيم فقرا: على ذكر الأزمة أريد الآن أن نتحول إلى منطقة الخليج، منطقة الخليج طبعا عصفت بها أزمة دبي، هل تعتقدون أن في الطريقة التي تعاملت معها الإمارة مع هذه الأزمة هل تعتقدون أن في تلك الطريقة نموذجا يمكن استخدامه في أزمات قد تعصف بمنطقة الخليج وبأسواق أخرى في منطقة الخليج في المستقبل؟
دومينيك ستراوس كان: هذا سؤال مهم للغاية، كنا نتحدث حتى الآن عن احتمال أزمة جديدة والوسيلة لتجنب حدوث أزمة في مجال تنظيم القطاع المالي هذا شيء، أما الأمر الآخر فهو الحصول على الأدوات اللازمة لتسوية الأزمات لأن لا أحد يمكنه أن يتوقع أن نكون قادرين على تجنب كل الأزمات لذا يتعين علينا أن ننشئ مؤسسات تكون لديها أدوات مختلفة قادرة على مواجهة الخصوصيات المحلية للأزمات، ونحن نحاول القيام بهذا ونحن أيضا نأخذ العبرة والدروس التي تعلمناها على إثر هذه الأزمة لتكون مؤسساتنا قادرة على رد الفعل السريع والفعال، وإيجاد الحلول للأزمات لا يقل أهمية على وضع سياسات تنظيمية للقطاع المصرفي فما حصل في آيسلندا وفي أوروبا الوسطى وما حصل في دبي قد يمثل تجديدا في التعامل مع حل الأزمات.
عبد الرحيم فقرا: الأزمة في دبي أثارت مسألة إيجابيات -كما يرى العديد من الناس في المنطقة- النظام المصرفي الإسلامي، هل تعتقدون أن الأزمة في دبي أثبتت نجاح أو فشل تجربة النظام المصرفي الإسلامي؟
دومينيك ستراوس كان: تظهر الأزمة في دبي أن ما من منطقة في العالم هي في مأمن من الأزمة وأننا حقيقة في نظام اقتصادي معولم لذا قد يكون هناك بعض التأخير في وصول الأزمة وتأثيرات الأزمة إلى بعض المناطق لكن لا يمكن لأحد أن ينجو منها في إطار الاقتصاد المعولم، فالأنظمة الاقتصادية على الرغم من بعض صفاتها الخاصة هنا أو هناك هي في نهاية الأمر موجودة في نظام عالمي واحد والدرس الذي تعلمناه الآن هو أنه رغم وجود التكتلات الاقتصادية الإقليمية في الخليج أو في أوروبا أو آسيا أو أميركا اللاتينية ومهما نجحت وحققت من اندماج اقتصادي فهي تبقى على ارتباط بالعولمة لذا فكلما حصل أمر ما على المستوى العالمي سيكون له تبعات على الجميع إن عاجلا أم آجلا.

زر الذهاب إلى الأعلى