مقال عن ثقافة الطفل

ثقافة الطفل تبدأ قبل أن تحمل به أمه، فلا بد من تثقيف الأم وتدريبها على استقبال ابنها الذي لن يشفع له حبها، بل لا بد وأن يساند هذا الحب مساعدة كاملة له لكي يشب سليماً سوياً، وبخاصة سنوات وجوده الأولى، فالأم ومعها الأب والأسرة تتحمل السنين الأولى، وفي مدة الرضاعة والحضانة كل المسؤولية تجاه طفلها، والرضيع يعتمد اعتماداً كاملاً على الأم، لا في التغذية فحسب، بل هو يرضع مع لبنها ثقافتها وعاداتها وتقاليدها.

مقال عن ثقافة الطفل

ثقافة الطفل

ولدينا الكثير من الأمثال العاميّة التي تتحدث عن لبن الأم وأهميته وخطورته بالنسبة إلى الطفل، حتى لينسبون إلى هذا اللبن مدى حدة ذكاء الطفل، والرضيع يلتمس سبيله في الحياة عن طريق حواسه الخمس، ويعتمد عليها بالكامل كنوافذ إلى ذلك العالم المحيط به، وليس أفضل للصغير في هذا العمر من اللعب المصنوعة على هيئة دُمى آدميّة أو حيوانية، وحبذا لو أن هذه اللعب تحدث أصواتاً رقيقة.
ومن المهم أن تكون اللعب أنيقة وجميلة، ناعمة الملمس وغير حادة الأطراف، حتى لا تجرح الصغير أو تصيبه، وتكمن كل محاولاتنا في هذه السن المبكرة لتنمية القدرات الثقافية على تهيئة الفرصة للحواس الخمس لكي نُحسِّن أداء وظائفها، فإنها السبيل مستقبلاً لحياة أفضل، وهي الوعاء الذي يتلقى الثقافة وتتجمع فيه، لسنا في حاجة إلى أن نذكر أن حياة الأسرة وأمنها واستقرارها تساعد الطفل في هذا السن المبكر، وفيما بعد على أن يشعر بالاطمئنان، وهذه واحدة من احتياجاته الضرورية التي لا بد أن تتوافر له لكي يشب سليماً سوياً.

 

الطفل في عامه الثاني

ويبدأ الطفل مع عامه الثاني في الحبو والزحف، والمشي والتعثر، ويبدأ في ممارسة بعض السيطرة على أصابع يديه، وهو يميل في هذه المدة إلى اللَّعِب واللُّعَب، وهو يستمتع كثيراً باللُّعَب البسيطة والألعاب التي يعتمد فيها على الشد والجذب وعلى الدفع والرمي، ويظل على حبه للحيوانات الأليفة التي يشعر أنها قريبة منه شبيهة به وهو يتحدث إلى لُعَبه، وبالذات تلك التي تشبه الإنسان أو الحيوان، ومن الضروري أن تكون اللعب بهيجة الألوان، وإذا ما كانت هذه اللعب متحركة، ويصدر منها صوت ما فإنه سيزداد حباً لها، ويرى كثيرون من أساتذة علم التربية ضرورة إحاطة الطفل في هذا السن بالكتب المصوّرة الملونة ليعتاد عليها ويألفها، فضلاً عن أنها تنير خياله وتمتعه، وقد ابتكرت كتب من ورق مقوى، وأخرى من القماش تصلح لهذه المرحلة من العمر، التي يبقى الطفل خلالها لصيقاً بأمه وأسرته معتمداً كل الاعتماد على الآخرين.

 

الطفل في عامه الثالث

وما إن يُنهي الصغير عامه الثاني حتى يبدأ التدرب على الجري والقفز والتسلق، ولأنه لم يكف عن التعثر بعد، فإنه يجب أن يثبت لنفسه وللآخرين قدرته على حفظ توازنه فوق الأماكن العالية والمرتفعة، ويستطيع الطفل في هذا السن أن يعبر عن نفسه بكلمات قليلة تزداد رويداً رويداً، كما أن في مقدوره أن يفهم بعض الحكايات المصحوبة بالمؤثرات الصوتية والوسائل التوضيحية، على أننا يجب أن ننتبه إلى أن الصغير في هذه السن يكون فرديّ النزعة، لا يقبل أن يشاركه أحد في لعبه، كما أنه يصعب عليه أن ينضم إلى اللعب الجماعية.
وهو في هذه المرحلة يحب الانطلاق والتحرك، ويهتز للإيقاع، ويمارس بعض ألوان الرقص التعبيري

مقال عن ثقافة الطفل

المرحلة التالية من الرابعة للخامسة

ومن الخامس للسادسة تبدأ مرحلة دُور الحضانة والرياض، وقد تبدأ قبل هذا السن، ومن المهم أن نؤكد هنا أن دور الحضانة قد تحولت في كثير من الأحيان إلى مخازن تودِع فيها الأمهات أبناءها إلى حين تنتهي من عملها، وفي حين يجب أن تكون مسؤوليتها الأساسية تنمية قدرات الأطفال الثقافية، دون أن تفرض عليهم معارف بذاتها، ومعلومات يتصور البعض أنه يسدي للصغار بها خيراً، وفي حين أنه يخطئ بحقهم حين يبدأ في تلقينهم – قبل الأوان – بعض دروس القراءة والحساب، بل تحاول المربيات إرضاءً للآباء والأمهات القيام بدور المعلمات، فيضعن الأقلام في أيدي الأطفال، ويطلبن منهم كتابة بعض الكلمات والأرقام.
إن الآباء حين يتعجلون تعليم أبنائهم قبل أن يحين الوقت المناسب، يحملون الصغار ما يفوق عمرهم العقلي، وما يتجاوز قدراتهم التعليمية، إن الطفل في هذه السن يمتلئ بالحيوية والنشاط، وإذا ما أبقيناه طويلاً فوق مقاعد الدرس والتحصيل ضاق بجلسته، وأصبح أشد حاجة إلى الانطلاق والجري، خاصة وقد أصبحت لديه بعض مهارات يستطيع استخدامها في هذا السبيل، ويقيناً من الأفضل توجيه هذا النشاط إلى اكتساب قدرات ثقافية تمكنه مستقبلاً من استيعاب دروسه، وتحصيل المنهج الذي أعد له.

 

مرحلة الدراسة الابتدائية

يصبح الطفل في سن القبول في المرحلة الابتدائية في المدارس، ويميل بعض مربي التلاميذ إلى تقسيم هذه المرحلة إلى قسمين من السادسة إلى التاسعة، ومن التاسعة إلى الثانية عشرة، وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل في التفتح على الحياة، ويتصور البعض أن البيت قد انتهت مهمته عند هذا الحد ويلقي بالمسؤولية كلها على المدرسة، ويجب أن يكون واضحاً أن المدرسة بأعدادها الغفيرة ومناهجها المرهقة، وأساليبها الحالية لن تقوم بكل العبء، بل لا بد أن تتضافر المدرسة مع البيت، وأن يضيف المجتمع وأجهزته إلى الطفل ما يجعله يشب سوياً سليماً، لديه من القدرات الثقافية ما يمكنه من مواصلة تعليمه المدرسي، وتعليمه الذاتي.

زر الذهاب إلى الأعلى