من هو صقر اليمامة ؟

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أمنة الامة ونبراس هدايتها الذين ان اهتدينا بهم نجونا وإن تركنا هديهم هلكنا ، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم أطهر الأمة قلوباً ، وأشدهم خشية ، وأقلهم تكلفاً ، وأعلم الامة بمراد الله ومراد رسوله ، فعليهم القرآن نزل ، وبين أظهرهم جبريل بالوحي هبط ، فهم اعلم الله بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والصحابة رضوان الله عليهم جميعاً باعوا دنياهم بدينهم واشتروا آخرتهم بعاجلتهم ، فقل من الصحابة من مات في المدينة بكل أكثر الصحابة تفرقوا في الامصار لنشر الدين والجهاد في سبيل الله تعالى والصحابة كلهم عدول ، وقد عدلهم الله في كتابه الكريم ومدحهم حيث قال عز من قائل ” مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا “( الفتح : 29)

وقال أيضاً سبحانه وتعالى معلماً الامة أنه رضي عن أصحاب رسول الله   {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا * وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا } } [ الفتح 18-21] .

ومدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال”لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه    ” ، والمد هو حفنة بكفي الرجل والنصيف هي نصف المد .

ومن أعلام الصحابة رضوان الله عليهم وأرضاهم صحابي جليل لقب ب( صقر اليمامة ) ، وهو الصحابي الجليل زيد بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .

من هو زيد بن الخطاب

 

زيد بن الخطاب

هو زيد بن الخطاب بن نفيل بن عمرو، وهو الاخ الاكبر لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، وقد أسلم قبل سيدنا عمر ، وتابع النبي وتحمل معه الاذي في مكة حتى هاجر مع النبي والصحابة الى المدينة ، وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يحبه حباً شديداً لأخوته في النسب ولسبقه الى الاسلام فكان يقول رضي الله عنه بعد استشهاد أخيه زيد بن الخطاب “ما هبت الصبا الا وجدت منها ريح زيد ” .

وشهد سيدنا زيد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتخلف عن مشهد منها ، وفي معركة أحد سقطت الدرع من سيدنا زيد فخشي عمر على اخيه الاكبر من القتل ، فنزع درعه من عليه ونادى بأعلى صوته على أخيه أن ياخذ درعه بدلاً من التي سقطت منه ، فنظر اليه زيد وقال ” اني أريد من الشهادة مثل ما تريد يا عمر ” عندها ألقي سيدنا عمر الدرع من يده وقاتل هو وزيد الكفار حاسرين بلا دروع .

حروب الردة

بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتد كثير من العرب ، حيث لم يكن العرب قد تعودوا أن يكونوا دولة واحدة انما كانوا يحيون ويعيشون قبل الاسلام في قبائل لا يجمعها الا النسب والقرابة ، فلما مات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أرادوا الرجوع الى ما كانوا عليه قبل الاسلام ، فمنهم من ارتد بالكلية عن الدين ، ومنهم من منع الزكاة وقال نصلي ونصوم ولا نزكي ، ومنهم من ادعى النبوة مثل مسيلمة الكذاب وسجاح والاسود العنسي .

الرجال بن عنفوة

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً يوماً بين اصحابه فقال ” ان فيكم لرجلاً ضرسه في النار أعظم من جبل أحد ” .

عندها خاف الصحابة الجالسين جميعاً وخشوا على انفسهم من سوء الخاتمة والموت على النفاق ، ويقول راوي الحديث سيدنا أبوهريرة أنه ما زال في خوف أن يصيبه الحديث ويكون هو المقصود ، حتى مات الصحابة جميعاً الذين وجه لهم الرسول الحديث الا سيدنا أبو هريرة ورجل يقال له الرجال بن عنفوة وهو رجل كان يظهر منه الصلاح الشديد وقراءة القرآن والاجتهاد في العبادة ، لكن الله يعلم ما تخفي الصدور .

وحدث أن سيدنا أبو بكر أرسل الرجال بن عنفوة الى مسيلمة الكذاب في اليمامة ليأتي له بخبره وادعائه للنبوة ، فلم وصل الرجال بن عنفوة الى مسيلمة الكذاب في اليمامة ورأى ما معه من رجال وسلاح وأموال فتنه ما رأى وآثر الدنيا على الآخرة ، فقربه اليه مسيلمة الكذاب وأغدق عليه من المال والأرض الكثير وقال له اخرج الى الناس فصدقني أمامهم ، وبالفعل خرج الشقي الى اتباع مسيلمة الكذاب وقال أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن مسيلمة أشرك في الامر معي ، فكانت فتنته عظيمة .

زيد بن الخطاب صقر اليمامة

الجهاد

أعد سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه جيشاً لمقاتلة مسيلمة الكذاب في اليمامة ، وأراد أن يؤمر عليه سيدنا زيد بن الخطاب إلا انه اعنذر اليه بأنه يبغي الشهادة في سبيل الله وقائد الجيش لا ينبغي له أن يباشر القتال في الصفوف الامامية بنفسه ، فأسند سيدنا أبو بكر قيادة الجيش لسيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه .

كان جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد لا يتعدى 21 الف مقاتل بينما كان جيش مسيلمة الكذاب يفوق 100 ألف مقاتل ، وبدأت المعركة واشتد القتال حتى كثر القتل في المسلمين وخاصة القراء وهم الصحابة الذين كانوا يحفظون القرآن الكريم كاملاً ، واشتد ضغط الكفار على جيش المسلمين حتى وصلوا الى فسطاط خالد رضي الله عنه ، وهنا تقدم سيدنا زيد وحمل لواء الجيش وانغمس في جيش الكفار يقاتل كالأسود ولا يخشى القتل انما يطلب الشهادة ، وأثناء احتدام القتال لمح رضي الله عنه الرجل الذي كان يبحث عنه وهو الرجال بن عنفوة الذي ارتد بعد اسلامه ولحق بالكذاب ، فطار اليه سيدنا زيد  كالصقر وانقض عليه ولم يكترث بما حوله من تجمع الكفار ودفاعهم عن الرجال وعاجله بضربة شديدة قتلته من فوره ، وكبر سيدنا زيد في داخله لانه كان قد أقسم ألا يتكلم حتي يفتح الله للمسلمين وينتصروا على الكفار ، وهنا اجتمع الكفار على سيدنا زيد فدافعهم رضي الله عنه حتي سقط شهيداً في سبيل الله ، وجمع المسلمون قواتهم وضغطوا على جيش مسيلمة حتى ازالوهم عن مواقعهم ودفعوهم للاحتماء بحديقة تحصنوا بها ، لكن المسلمين لم يتوقفوا حتى اقتحموا عليهم الحديقة واشتد فيهم القتل حتى سميت هذه الحديقة بحديقة الموت ، وقتل مسيلمة الكذاب قتله وحشي بن حرب .

 

لا تسبوا اصحابي

وعاد الصحابة الى المدينة بأخبار النصر وتلمس عمر رضي الله عنه أخاه زيد بن الخطاب فأخبر بأنه استشهد ، فحزن عليه رضي الله عنه حزناً شديداً وقال ” رحم الله أخي زيداً ، سبقني الى الحسنيين ، أسلم قبلي واستشهد قبلي ” .

فرحم الله سادتنا زيد بن الخطاب وعمر بن الخطاب وجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى