تعتبر الطنطورة هي أحد المعالم الأثرية في محافظة العلا وهي ساعة شمسية دقيقة على شكل هرمي مبنية من الحجر يتم من خلالها التعرف على موسم الزراعة وتحديد فصول السنة،

خاصة مربعانية الشتاء (يوم 22 ديسمبر تحديداً) حيث يسقط ظل الطنطورة على حجر صغير في الجدار الشمالي.

وتقع بلدة العلا على بعد 300 كيلومتر من المدينة المنورة وتحظى بالكثير من المعالم الأثرية والتراثية الأصيلة والعريقة التي لا مثيل لها، فقد كانت البلدة محطة مهمة على طريق التجارة العالمية في القرن الاول قبل الميلاد،

كما تقع على طريق البخور القديم الذي ربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها وبالحضارات المجاورة …لتفاصيل اكثر ابقو معنا

صورة طنطورة العلا

بينما نخوض غمار تاريخنا التليد، وما يتضمنه من عراقة وأصالة وآثار شاهدة على الطراز المعماري القديم، الذي يشهد بفطنة إنسان الجزيرة العربية، لا بد أن نعرج على “الطنطورة”، وسط بلدة العلا في منطقة المدينة المنورة، التي تحتضن المزولة الشمسية التي كانت تأذن ببدء الاحتفالات لانطلاق موسم الزراعة، واليوم تأذن بانطلاق مهرجان سعودي عالمي.

تكتسب أهمية تاريخية

العلا محافظة عريقة من ألفها إلى يائها، فهي عاصمة الأنباط الثانية، قوم نبي الله صالح، لتصبح مدائن صالح أحد المواقع الأثرية المسجلة في قائمة اليونيسكو، إضافة إلى موقعها على طرق التجارة العالمية، مثل طريق البخور، الذي يربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها والحضارات التاريخية المجاورة في مصر وبلاد الشام وبلاد الرافدين، وفوق هذا كله، تشير الدراسات إلى أن النبي المصطفى – صلى الله عليه وسلم – نزل بها في طريقه إلى غزوة تبوك.
عروس الجبال، كما يطلق عليها أهلها، تكتسب أهمية تاريخية، لتعاقب الحضارات عليها، ومناظرها الجبلية الخلابة، وزارها رحالة مسلمون خلال رحلة الحج، مثل ابن بطوطة، ولعل ذلك أحد أهم الأسباب التي دفعت القيادة للنظر إليها بعين الاهتمام، ليصدر أمر ملكي في يوليو من عام 2017م بإنشاء هيئة ملكية لتطوير العلا، يرأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتهدف إلى تحقيق التطور والتحول في محافظة العلا والعمل على البنية التحتية، مع التشديد في الحفاظ على تراثها وتاريخها، وإبرازه بالمرافق السياحية المتنوعة والمتوزعة حول طبيعة المدينة.
تكتسب العلا محبة ومكانة خاصة لدى ولي العهد، فقد زارها والتقى زوارها وأهلها أكثر من مرة، وخلال زيارته فرنسا في أبريل الماضي، وقع اتفاقية بين البلدين لتطوير المواقع التراثية والتاريخية في العلا، بموجب اتفاقية تشمل التشارك والتبادل المعرفي، الثقافي والاقتصادي والسياحي، حيث تسلط الاتفاقية الضوء على رؤية مشتركة بين البلدين لحماية وتعزيز التراث الثقافي، وتعزيز المعرفة العلمية، وفتح طرق جديدة للسياحة المستدامة حول هذا الموقع الأثري الفريد.

شتاء طنطورة المبهج

إحدى ثمرات تطوير المنطقة، تنظيم مهرجان سياحي بعنوان “شتاء طنطورة”، الذي يرمز إلى الطنطورة، رمز الخير والنماء، حيث يستند الأهالي إليها لمعرفة وقت دخول الشتاء، وعودة موسم الزراعة منذ مئات السنين، في حدث سنوي يحتفل به الأهالي ويتبادلون التهاني بعودتهم إلى الحقول.
ونسب المهرجان إليها نسبة إلى الساعة الشمسية التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي للقرية، وهو بناء هرمي من الطين، يعلوه حجر يلامس ظله الحجر المغروس على الأرض يوم 22 ديسمبر، معلنا بدء الشتاء الفعلي، حيث أقصر يوم وأطول ليلة في السنة.

صورة مهرجان الطنطورة

مهرجان شتاء طنطورة

على مدى سبعة أسابيع، تبدأ من 20 ديسمبر حتى 9 فبراير المقبل، تشهد المملكة الحدث الأبرز والفريد من نوعه في المنطقة، مهرجان شتاء طنطورة.
في هذا الشتاء يقدم المهرجان برنامجا مميزا حافلا بالأنشطة المتنوعة التي تقام في عطلة نهاية كل أسبوع، وتناسب جميع الاهتمامات والأعمار، ويتضمن مناسبات ثقافية وفنية يحييها نجوم عرب وعالميون، إضافة إلى إقامة الاحتفالات التراثية الأسبوعية وعروض ضوئية، وفرصة الاطلاع على الحرف اليدوية واقتناء التحف، فيما تشهد الفترة من 31 يناير إلى 2 فبراير المقبل سباق كأس خادم الحرمين للقدرة والتحمل، بمشاركة 80 من أفضل الفرسان، وبالشراكة بين الاتحاد السعودي للفروسية والهيئة الملكية للعلا، وسيقدم جوائز لسباقات القدرة والتحمل على مستوى المنطقة، بحسب ما يفيد موقع المهرجان الإلكتروني.
وكانت المملكة قد أتاحت الحصول على تأشيرة دخول سياحية للراغبين في زيارة المهرجان من مواطني الدول الأوروبية التي تنتمي إلى مجموعة “شينجن” وعددها 25 دولة، إضافة إلى دول أمريكا واليابان والصين وسنغافورة وماليزيا وبروناي وأستراليا وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا.
وخدمة لزوار المهرجان، تنظم “الخطوط السعودية” رحلات داخلية من الرياض وجدة إلى العلا، في رحلة تستغرق ساعة ونصف، كما يقدم المهرجان باقات تشمل تذكرة ذهاب وعودة من الرياض وجدة إلى محافظة العلا، وإمكانية حجز تذاكر الفعاليات عن طريق الموقع الإلكتروني.

حفالات الطرب والموسيقى

صورة ماجدة الرومي

أحيا فنان العرب محمد عبده أولى حفلات شتاء طنطورة، حيث ترنم وأطرب الجمهور، ليكون أول فنان يصدح بأغانيه في العلا، وذلك في قاعة المرايا التي صممت خصيصا للحفلات الغنائية في المهرجان وفق طابع روماني عريق.
فيما ستطل ملاك الطرب العربي الفنانة ماجدة الرومي على الجمهور من القاعة ذاتها في العلا غدا الجمعة، كما سيقدم عازف الكمان الشهير رينو كابوسون أشهر مقطوعاته الفنية في 4 يناير. وفي يوم الجمعة 11 يناير المقبل يحيي الفنان المصري عازف البيانو الشهير عمر خيرت حفلة موسيقية، ليقدم حزمة من مقطوعاته التصويرية لأبرز الأعمال السينمائية والتلفزيونية خلال نصف القرن الماضي.
مساء يوم الجمعة 18 يناير المقبل، سيكون الجمهور على موعد مع أصغر وأشهر عازفي البيانو في العالم، العازف الصيني لانج لانج، ليقدم عددا من المقطوعات الموسيقية لأشهر المؤلفين، إذ يبرع في المزج بين الأصالة والتقنيات المبتكرة الحديثة، ما يشكل موسيقى كلاسيكية عالمية من نوع فريد تستحضر روائع الفن الكلاسيكي بروح القرن الـ 21.
ويشهد الجمعة 25 يناير، عرضا بتقنية “الهولوغرام”، تعود فيه كوكب الشرق أم كلثوم، إلى الجمهور، مقدمة مجموعة من روائعها الغنائية، وفي 1 فبراير يحيي مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي صاحب الصوت الأوبرالي الرخيم حفلة غنائية، وفي ختام الفعاليات، يوم 8 فبراير، يحيي الموسيقي اليوناني الأصل ياني كريسماليس حفلة، يعزف فيها من ألبوماته الأربعين التي أنتجها خلال مشواره الفني.
كما يشتمل المهرجان على فعاليات ترفيهية، مثل المنطاد، وفعاليات في منتجعي الشلال وبرزان، وفعاليات رياضية في ملتقى الفرسان وجولات سفاري، فضلا عن التمتع بالآثار التاريخية مثل مدائن صالح، جبل عكمة، حرة عويرض، البلدة القديمة، مملكة دادان، درب الغراميل وجبل الفيل.


مستقبل الاستثمار في المنطقة

تسعى الهيئة الملكية لمحافظة العلا، بقيادة محافظها الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، إلى إطلاق جميع الطاقات الكامنة للمدينة الأثرية، واستعادة بريقها العالمي، وحفظ ثرائها التاريخي وإرثها العريق وتسليط الأضواء العالمية عليها، بما ينسجم مع طموحات ورؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويهدف إنشاء هيئة ملكية في العلا إلى تسريع المشاريع وإنهائها في الوقت المحدد، والتغلب على أي إجراءات إدارية، والاستفادة من المحافظة اقتصاديا وسياحيا، خصوصا أن العلا تتسم بمقومات اقتصادية، فهي تمتد على مساحة أكثر من 29 ألف كيلو متر مربع، وتبعد عن الحرم النبوي الشريف بنحو 300 كيلو متر، كما أنها بلد الثلاثة ملايين نخلة، وتمتلك 30 موقعا تراثيا إلى جانب المنتجات الحمضية، والتكونات الطبيعية ذات الطابع الجغرافي الجبلي المميز.
ورغم اتجاه أنظار المستثمرين المحليين والعالميين إلى محافظة العلا خلال الفترة المقبلة، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات، مثل مشروعات قطاع الضيافة والفندقة التي تستطيع استيعاب آلاف الزوار، والاستمتاع بالأنشطة السياحية في العلا، وبأسعار تنافسية معقولة.
وبحسب تقرير للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، يتوقع أن يصل حجم الاستثمارات في مشروع تطوير محافظة العلا بحلول عام 2020م إلى 2.6 مليار ريال، فضلا عن استقبال 400 ألف سائح سنويا، وتوفير 4200 وظيفة للشباب السعودي، مع بناء 1878 غرفة فندقية، لتستعيد العلا مكانتها التاريخية، وتسهم في رسم ملامح مستقبل المملكة المشرق.

صور مهرجان شتاء طنطورة عراقة التاريخ وبهجة الحاضر

 

صور مهرجان شتاء طنطورة عراقة التاريخ وبهجة الحاضر

شاركها.