يُعتبر العمل من الأشياء الأساسية التي يقوم عليها تطور المجتمع، وهو ليس مجرد مصدر رزقٍ يحصل منه الشخص على النقود، بل هو حاجةٌ أساسية تُشكّل كيان الإنسان وتصنع منه شخصاً واعياً متحملاً للمسؤولية وعنصراً فاعلاً في المجتمع، كما أنه من الأشياء التي تصقل شخصية صاحبه، لأنه يضعه في الكثير من المواقف المتنوعة التي تُعلمه كيفية التعامل مع الأشخاص والحياة بشكلٍ عام، وبالإضافة إلى هذا كله، فإن العمل عبادة من العبادات، ينال به صاحبه أجراً عظيماً من الله تعالى، بشرط أن تكون نيته خالصةً لوجه الله، وأن يُتقنه بالوجه الأمثل.

لولا العمل لما أُنجزت الكثير من الأشياء، ولبقيت الحياة عشوائية تنقصها الكثير من الإنجازات، فمن خلال ممارسة الأشخاص للمهن والأعمال المختلفة في مجتمعاتهم، تزدهر الحياة بمختلف جوانبها، ويكثر التعليم وتنتشر المعرفة، فمظلة العمل تشمل كل ما يُمارسه الإنسان من مهنٍ تُقدم الفائدة للآخرين كالطب والتعليم والهندسة والمحاماة والزراعة والصناعة والتجارة وغيرها الكثير، بالإضافة إلى أن هذه كلها أعمالٌ مكملةٌ لبعضها البعض، ولا يُمكن الاستغناء عن أي مجالٍ من مجالاتها، وهذا يُعزز فكرة التنوع في الأعمال التي يجب على أفراد المجتمع ممارستها وإتقانها، خصوصاً أن المجتمعات المتطورة والمتقدمة تُنجز أعمالها بنفسها ولا تعتمد على غيرها، بل تحرص على تدريب أفرادها ليكون عناصر فعالة تخدم الوطن والإنسان والمجتمع.

كان الرسول عليه الصلاة والسلام يوصي أصحابه بإتقان أعمالهم التي يقومون فيها، كما كان يحثهم على تعلم الكثير من المهن كي يُمارسونها ويحصلوا بها على مصدرٍ للرزق كي يكفيهم سؤال الناس، فقد ورد عن الرسول الكريم أنه قال: “ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده”، وفي هذا دليلٌ واضح على أن الأنبياء أنفسهم لم تمنعهم رسالاتهم من القيام بالعمل، لأنه أولاً وأخيراً عبادة ومصدر للرزق، وطريقة لرفعة الأمم.

من الأشياء التي تُشجع على العمل أيضاً أن الكثير من الأعمال التي يقوم بها الإنسان تُعتبر بمثابة صدقة جارية تمدّه بالحسنات حتى بعد موته، كالتعليم والصحة والزراعة والاكتشافات الكثيرة التي تُقدم الخير للبشرية، وهذا يضع الإنسان في مسؤوليةٍ مضاعفه تجعله يُمارس عمله بمتعةٍ وحبٍ وتفانٍ ليس له حدود، وبالإضافة إلى هذا كله يرفع العمل من ثقة الشخص بنفسه، ويُعرفه على الكثير من الصداقات، ويفتح أمامه أبواباً كثيرةً مغلقة، لذلك علينا جميعاً أن نحرص على أن نكون ضمن قافلة العمال الذي ينفعون مجتمعهم ويخدمون أوطانهم.

شاركها.