التعاون والتسامح

التعاون والتسامح صفتان رائعتان ترتبطان معاً وتُكملان بعضهما البعض، ولا يتصف بهما إلا من كان على خلقٍ رفيع، فالتعاون يُعزز الترابط بين أبناء المجتمع ويزيد قوتهم، كما ينشر جواً من الألفة والمحبة بين الناس، لأنه يزيد قربهم من بعض، ويُسرّع في إنجاز أعمالهم المختلفة، وكي يكون التعاون مثمراً، يجب أن يكون ممزوجاً بصفة التسامح والتجاوز عن أخطاء الآخرين، وتحمل زلاتهم ومواقفهم المختلفة، لذلك لا يكتمل التعاون إلا إذا كان ممزوجاً بالتسامح الذي يُصفي القلوب ويُعزز الحب أكثر فأكثر، ويقوي روابط المودة بين الأشخاص.

حث الإسلام على هاتين الصفتين الرائعتين كغيرهما من الصفات الجميلة، واعتبر أن من يلتزم فيها وبجميع الصفات النبيلة التي تُعدّ من مكارم الأخلاق بحسب نظر الدين والمجتمع، يكون مؤمناً كاملاًً، وفي هذا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: “أَكْمَلُ المُؤمِنِنَ إِيمَاناً أَحسَنُهُم خُلُقاً”، وفي هذا أيضاً حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “إِنَّ الُمؤْمِنَ لَيُدْركُ بِحُسنِ خُلُقِه درَجةَ الصائمِ القَائمِ”، وغيرها من الأحاديث الكثيرة التي تحث على أن يلتزم المؤمن بالأخلاق الحسنة، وكلما زاد التزامه بها زاد إيمانه، لذلك يُعتبر كلاً من التعاون والتسامح من الصفات التي يجب تعزيزها في المجتمع والحث عليها أكثر فأكثر، خصوصاً أن الصفات الطيبة تجرّ صفاتاً أخرى طيبةً مثلها، ليُصبح الشخص بعدها ملتزماً بجميع الأخلاق الحميدة.

من عظمة التعاون والتسامح أنهما دليلٌ على الفطرة السليمة التي خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان عليها، لأن الفطرة السليمة تجعل الإنسان يميل إلى أن يعيش ضمن جماعاتٍ يتعاون معها ويسندها وتسنده وتزيد من قوته، بالإضافة إلى التغاضي عن الأخطاء والتسامح مع الآخرين، وتجنب الحقد الذي لا يولد إلا الكراهية والبغضاء، وهذا يزيد من تحقيق الأهداف التي خلق الله تعالى الإنسان لأجلها، ويُعزز الغاية التي بُعث الأنبياء لتحقيقها، فجميع الديانات السماوية حثت على تعزيز الأخلاق النبيلة والتي من ضمنها التعاون والتسامح.

مهما كان الإنسان محاطاً بمصادر القوة والرفاهية، فلن يستطيع أبداً أن يستغني عن وجود الآخرين في حياته، وإن أراد أن يعيش مسروراً هانئاً، فعليه أن يُعزز تعاونه وتسامحه مع من يعرفهم، فهما ثمرتان طيبتان تمدان صاحبهما بالقوة والثبات، وتزرعان في قلبه الكثير من بذور الخير والمحبة والألفة، وتنزعان من قلبه الحقد والأنانية وحب الانتصار على الآخرين، كما أنهما يزيدان من التقدم والتطور وتدفعان بالإنسان إلى أن يكون إنساناً مكتمل الأخلاق يحبه الجميع ويرضى عنه الله سبحانه وتعالى ويزيد في أجره وحسناته.

شاركها.