موضوع تعبير عن تعاقب الفصول الأربعة

بواسطة: عاتكة البوريني – آخر تحديث: 6 نوفمبر، 2017

تعاقب الفصول الأربعة

من فضل الله سبحانه وتعالى على عباده أن جعل فصول السنة متعاقبة، ولم يجعلنا نعيش فصلاً ثابتاً، فتعاقب الفصول من النعم الكبرى التي تجعل للحياة على سطح الأرض نكهةً وجمالاً، ويُضفي عليها التجدد الذي يكسر الملل، كما أن لكلّ فصلٍ من الفصول نكهةً خاصة وأسلوب حياة خاص يتميز به، وهذا يبعث في النفس الأمل، ويمنع تسرب الملل إليها، خصوصاً أن المخلوقات تميل بطبعها إلى التغيير وتكره الثبات، وتحديداً إذا كان متعلقاً بفصول العام التي تمسّ حياة جميع المخلوقات وليس الإنسان فحسب، فهو يُؤثر على الحيوانات والنباتات وحتى على الجمادات.

الفصول الأربعة هي السيمفونية التي تعزفها الأرض على إيقاع الحياة، وهي العقد المنظوم الذي تنضج حباته يوماً بعد يوم ليُعلن في كل مرةٍ فصلاً جديداً من فصول العام، فالشتاء هو فصل البدايات، ففيه تهطل أمطار الخير وترتدي فيه الأرض ثوب التمرد، لتُمهد للأرض إعلان الربيع، فصل الزهور والفراشات وتجدد الحياة، ومن ثم يأتي الصيف بشمسه الساطعة وأجوائه الجميلة التي تُنعش القلب وتُشجع على جلسات السهر والمرح، وبعد كل هذا الصخب، تخلع الأرض عنها ثوب الدفء والحركة والحياة لتُعلن لنا بداية الخريف، وفي الخريف تنحسر الشمس خجولةً وترتدي ثوبها الأصفر الذي يُميزها عن باقي الفصول، وتمرّ الأرض بحالة أشبه بالكمون والراحة، وكأنها تقول لنا أن لكل وقتٍ ما يُميزه، وأن الحياة لا تتوقف عن حدٍ معين، وإنما هي متغيرة، فالأرض والسماء في الفصول الأربعة يعقدان صفقةً معاً، فإن ضحكت الأرض انقشعت غيوم السماء وأصبحت صافية مبهجة، وإن أصابها جنون البرد والعواصف، تلبدت السماء بالغيوم، فيا لها علاقةٍ من علاقةٍ وطيدةٍ عقدها الله تعالى بينهما لتظلّ أبديةً إلى أن تنتهي الحياة على هذه الأرض.

يُعلمنا تعاقب الفصول الأربعة حكمةً بليغةً جداً، فرغم أنه مرتبطٌ بدوران الأرض حول الشمس، إلا أنه أيضاً مرتبطٌ بحالات المخلوقات وطبيعة معيشتها، فهذا التعاقب يُعطي للكثير من المخلوقات فرصةًّ ذهبيةً للراحة والسبات، ويُعطي الأخرى فرصةً للنشاط والحيوية، وهذا إن دلّ على شيءٍ فإنما يدلّ على أن الله تعالى لم يخلق شيئاً عبثاً، فالحكمة موجودةٌ في كل شيء حتى في تعاقب الفصول الأربعة، فهو لا يُخلف موعده أبداً ولا يتأثر بأي شيء، فلم يحدث يوماً أن تأخر الربيع عن موعده، ولم يحدث أبداً أن قرر الصيف عدم القدوم، بل إنه ترتيبٌ إلهي متناسق ودقيق فيه الكثير من العبرة والخير والحياة، فهنيئاً للأرض بهذا الترتيب الأنيق الذي ينزع عنها ثوب الملل.

زر الذهاب إلى الأعلى