هل لك أن تقرض الله قرضاً حسناً

القرض الحسن هو أحد القربات الى الله ، و طاعة من احب الطاعات اليه سبحانه وتعالى ، كيف لا و في القرض الحسن تفريج الكربات عن المسلمين و قضاء حوائجهم ، و تيسير امور حياتهم ، و إدخال الفرح و السرور الى قلوبهم ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : احب الاعمال الى الله ادخال السرور الى قلب المؤمن ، أو كما قال صلى الله عليه و سلم .

هل لك أن تقرض الله قرضا حسنا .
هل لك أن تقرض الله قرضا حسنا .

ما هو القرض الحسن ؟

القرض الحسن يقصد به إما الصدقة ، و الانفاق في سبيل الله ، و إعطاء الفقراء و المحتاجين من مال الله الذي في يدك .

أو يقصد به أن تقرض أخوك المسلم مالأ الى أجل معلوم تفرج به عن كربته ، و يقضي هو بهذا المال حاجته .

و في كل خير فالصدقة كلها خير و القرض لاخيك المسلم كله خير .

و القرض الحسن يكون حسناً ما لم يتبعه منٌّ ولا أذى و لا معايرة و فضح بين الخلق ، فان فعل أحد هذه الامور أثم و ضاع أجره .

فضل القرض الحسن في القرآن الكريم

وردت الكثير من الآيات التي تبين فضل القرض الحسن ، و انفاق المال ، و مواساة المسلمين بهذا المال .

  • يقول الله تعالى  في سورة الحديد (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (  .
  • يقول تعالى في سورة التغابن  (إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ )  .
  • و في سورة البقرة يقول جل في علاه (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ) .
  • و يقول تعالى في سورة المائدة (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) .
هل لك أن تقرض الله قرضا حسنا
هل لك أن تقرض الله قرضا حسنا

فضل القرض الحسن في السنة النبوية

  • أخرج ابن ماجه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: )رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى بَاب الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ: لِأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ( ، فالمسلم عندما يقرض أخوه المسلم مالاً طلبه منه ، فقد ساعده في تفريج كربته ، و قضاء حاجته التي لولاها لما أراق ماء وجهه و طلب القرض ، لذلك القرض أعظم ثواباً من الصدقة .
  • رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ) .
  • قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتهما مرة ) .

القرض الحسن لا يجر نفعاً

القرض الحسن الذي يراد به وجه الله و حده لا يجب أن يجر الى من أقرض نفعاً أو فائدة ، فهو ما أعطى أخاه المسلم إلا ابتغاء وجه الله و رجاء الثواب و الأجر من الله ، سئل أنس بن مالك عن الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدى إليه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ) إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ طَبَقًا فَلا يَقْبَلْهُ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ فَلا يَرْكَبْهَا إِلا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ) .

فانظر يا رعاك الله كيف نهي الإسلام صاحب القرض أن يأخذ هدية ممن اقترض منه ، و نهاه أن يحمله على دابته ، تنزيهاً أن يكون هذا نفعاً عاد على المقرض بسبب اقراضه للمال ، و هذا علم الله يقطع الذرائع و يسد الباب على تداعي الامور و تطورها فيصبح القرض وسيلة لإذلال المسلم و تحصيل المنافع منع بحجة أن لي عنده مالاً .

فضل إنظار المعسر

القرض الحسن ثوابه عظيم عند الله ، و يبارك الله في المعطي و ينمي له ماله و يدفع عنه الآفات ، و يقيه مصارع السوء ، فصنائع المعروف تقي مصارع السوء .

و قد ورد حديث عن النبي صلى الله عليه و سلم في فضل من أقرض قرضاً ثم أنظر المعسر و لم يشدد عليه في موعد استيفاء القرض ،
فعن بُريدة بن الحُصَيْب الأسلميِّ رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن أنظَر معسرًا فله كل يومٍ مثله صدقةٌ، فقلت: يا رسول الله، سمعتك تقول: مَن أنظر مُعسرًا فله كل يومٍ مثليه صدقةٌ، قال له: كل يومٍ مثله صدقةً قبل أن يحل الدَّين، فإذا حل فأَنظَر فله كل يومٍ مثليه صدقةٌ»(صححه الألباني) .

فانظر الى الثواب العظيم الذي يحصله صاحب القرض الحسن ، فلو أقرض المسلم أخاه مثلاً 1000 دينار ، فله من الأجر كل يوم كأنه تصدق بألف دينار في اليوم ، فاذا حل أجل القرض و موعد سداده ووجد صاحب المال ان الرجل الذي اقترض المال معسراً و لا يستطيع أداء المال في أجله فصبر عليه ، فله كل يوم بعد حلول أجل الدين مثليه صدقة ، أي كأنه يتصدق كل يوم ب2000 دينار حتى يحصل ماله ، فهذا والله ثواب عظيم على عمل قليل .

 

هل لك أن تقرض الله قرضا حسنا .
هل لك أن تقرض الله قرضا حسنا .

التحذير من الإقتراض لغير ضرورة

القرض الحسن وإن كان ثوابه عظيم لصاحب المال و المقرض ، إلا أن المقترض الذي أخذ المال يجب أن يعلم أن الاقتراض أمر خطير عاقبته وبيلة اذا أراد اتلاف اموال الناس ، أو كان الاقتراض له عادة ، أو اقترض لشراء ما لا يلزم و ما يمكن الاستغناء عنه ، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم “إن خياركم أحسنكم قضاء” و يقول النبى صلى الله عليه و سلم: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ) .

وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا مات مسلم صلى عليه إلا صاحب الدين ، فإنه كان لا يصلي عليه حتى يضمن سداد دينه أحد من المسلمين ، فانظر الى خطورة الدين الذي يجعل رسول الله لا يصلي على الميت بسببه ، فينبغي على المسلم أن يقترض في أضيق الحدود ، وأن يعيش العيشة التي تناسب دخله و حياته ، و لا يتطلع الى معيشة غيره فيقترض من أجل كماليات و رفاهيات لا فائدة منها و يمكن الاستغناء عنها.

القرض الحسن فيه تفريج الكرب ، و تيسير الامور على المعسر ، و ادخال السرور على قلب المسلم ، و فيه الثواب العظيم و الاجر الجزيل لصاحب القرض الحسن .

زر الذهاب إلى الأعلى