على مدى سنوات، اضطر أخصائيو الحِميات الغذائية إلى التعامل مع النصائح المتضاربة المتعلقة بالطرق المثلى لتناول الطعام. ولطالما مثلت الدهون الجزء الأصعب في الحِميات الغذائية. وقد ذهب البعض لاعتقاد أنه من الضروري تجنب السكريات والتوجه نحو استهلاك الأطعمة التي تحتوي على نسبة ضئيلة من الكربوهيدرات، حسب موقع Science Alert الأميركي.

لكن هذه الدراسة تعيد الاعتبار للاعتدال والتوازن في تناول الكربوهيدرات، فنصف السعرات الحرارية التي نتناولها يومياً يجب أن يكون مصدرها الكربوهيدرات، في حين تسبب الزيادة فيها والتقليل منها في مضاعفات صحية سلبية وخطيرة.

تناوُل كل شيء باعتدال

كشفت دراسة طويلة، نُشرت يوم الخميس 16 أغسطس/آب 2018، في مجلة The Lancet، أنه يمكن إيجاد صيغة ملائمة تتعلق بمقدار الكربوهيدرات المنصوح بتناوله يومياً. ويعتمد هذا الأمر على نصيحة متداولة وقديمة، تفيد بأهمية تناول كل شيء باعتدال.

وتوصلت الدراسة إلى استنتاج، مفاده أن «النظام الغذائي القائم على الأطعمة النباتية مثل الخضراوات والحبوب الكاملة والبقول والمكسرات، يتيح لنا فرصة التقدم بالعمر في صحة جيدة». ومعنى ذلك أن نصف السعرات الحرارية التي نتناولها يومياً يجب أن يكون مصدرها الكربوهيدرات.

حسبما أفادت الباحثة الرئيسية بمجال أمراض القلب وخصائص التغذية في مستشفى بريغهام والنساء بولاية بوسطن الأميركية، سارة سايدلمان، خلال حديثها مع موقع Business insider.

ما هو النظام الغذائي الكيتوني؟

اكتشف أخصائيو الحميات الغذائية الذين يعملون على تجربة النظام الغذائي الكيتوني، أنه في حال استبدلوا الكربوهيدرات ببعض الدهون، يمكنهم خداع أجسادهم لخلق شعور بالجوع، مما يحفز فقدان الوزن، وذلك على الرغم من استمتاعهم بتناول اللحم المقدد والحلويات.

والنظام الغذائي الكيتوني أو الحمية الكيتونية هي نظام غذائي عالي الدهون، معتدل البروتين، منخفض الكربوهيدرات. ويجبر هذا النظام الغذائي الجسم على حرق الدهون بدلاً من الكربوهيدرات.

فإذا كان هناك القليل من الكربوهيدرات في النظام الغذائي، فإن الكبد يحول الدهون إلى أحماض دهنية وأجسام كيتونية تمر في الدماغ وتحل محل الغلوكوز كمصدر للطاقة.

قاعدة غولديلوكس لتناول الكربوهيدرات

تفحصت سارة سايدلمان معطيات تتعلق بالوجبات الغذائية لأكثر من 15 ألفاً و400 شخص بالغ في الولايات المتحدة، ونحو 432.000 شخص آخر من 20 دولة في العالم. وقامت سايدلمان بتحليل هذه البيانات رفقة فريقها من الباحثين، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار عدد السنوات التي عاشها المشاركون في الدراسة، ليجدوا أن الأشخاص الذين يتناولون كمية معتدلة من الكربوهيدرات، أي نصف حاجاتهم اليومية من السعرات الحرارية، يعيشون مدة أطول.

مجدداً: السر في الاعتدال

وجدت الدراسة في المقابل أن الأشخاص الذين حصلوا على 70% من سعراتهم اليومية عن طريق تناول السكريات، أو الأشخاص الذين استمدوا أقل من 40% من السعرات اليومية من السكريات، كانوا أكثر عرضة للوفاة في سن مبكرة من الأشخاص الذين استهلكوا الكربوهيدرات على نحو معتدل. ويعتبر هذا الأمر جزءاً من اكتشافات غولديلوكس، الذي يفيد بأنه يتوجب علينا تجنب تناول كمية صغيرة أو كبيرة من الكربوهيدرات والالتزام بتناول كمية معتدلة.

وهناك عواقب خطيرة للإفراط والتفريط في الكربوهيدرات

يعاني بعض الأشخاص بعض العواقب الصحية السلبية الناجمة عن تناولهم كميات كبيرة من الكربوهيدرات، كما هو الحال بالنسبة لبعض البلدان التي يحظى فيها الأفراد بدخل منخفض، في حين يميلون إلى الاعتماد على الأرز واعتباره الطبق الوحيد على موائدهم دون إضافة وجبات أخرى. ويتجه البعض الآخر إلى استهلاك قدر قليل من الكربوهيدرات. ويقودنا هذا الأمر إلى اكتشاف مفاجئ يحيل إلى أن المجموعة الأكثر عرضة للوفاة، انطلاقاً من الدراسة الأميركية الآنف ذكرها، تضم الأشخاص الذين يتجنبون الكربوهيدرات.

واستبدال الكربوهيدرات بالدهون يسبب الوفاة

وترى سايدلمان أن هؤلاء الأشخاص يستبدلون الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات بوجبات تضم نسبة كبيرة من الدهون الحيوانية والبروتينات، مثل لحم البقر والخنزير والضأن والدجاج والجبن. وأضافت أخصائية التغذية قائلة: «من الواضح أن ملء طبقك بهذه الأطعمة يؤدي إلى زيادة احتمال وفاتك».

 يمكنك أن تعيش ثلث قرن إضافي اعتماداً على حميتك الغذائية

توصلت الأبحاث إلى استنتاج، مفاده أن الفرد البالغ من العمر 50 سنة، والذي يقوم باستهلاك الكربوهيدرات بمقدار 50 إلى 55% في اليوم الواحد، قادر على العيش مدة 33.1 سنة إضافية، في حين أن شخصاً بالسن ذاتها لا تتجاوز كمية الكربوهيدرات من مجمل السعرات الحرارية اليومية 30%، لن يتجاوز المعدل 29.1 سنة أخرى.

والتوازن هو الحل

يتمثل الجزء الأهم بكل حمية غذائية في الحصول على العديد من الأطعمة الصحية الكاملة على المائدة قدر الإمكان.

هناك طريقة فعالة لتشكيل مزيج بين نظام غذائي قليل الكربوهيدرات والعيش سنوات إضافية، حيث أثبتت الأبحاث أن تناول كميات صغيرة من الكربوهيدرات مقابل تناول المزيد من البروتينات النباتية، على غرار الخضراوات والبذور والمكسرات، يجعل الإنسان أقل عرضة للوفاة، فضلاً عن عيشه مدة أطول. ويرجع هذا الأمر إلى أن تناول كميات كبيرة من الدهون الحيوانية والبروتينات، مقابل عدم التركيز على الأطعمة ذات المصادر النباتية، من شأنه أن يزيد معدل حدوث الالتهابات داخل الجسم.

وقالت الدكتورة سايدلمان: «يجدر بنا التوجه نحو اختيار أطعمة ذات مصادر نباتية». وترى أخصائية التغذية أن هناك رابطاً قصير المدى بين الوجبات التي تتضمن نسبة كربوهيدرات منخفضة وخسارة الوزن. كما حذرت سايدلمان من أن بعض الحميات مثل كيتو وأتكينز لا يمكن الاعتماد عليها على اعتبارها استراتيجية طويلة الأمد.

وتابعت ساديلمان أنه «لا شيء أكثر أهمية بالنسبة لصحتنا مما نتناوله كل يوم. أريد حقاً أن يصبح الأشخاص ملمّين بالسُّلطة التي يمتلكونها على صحتهم».


واقرأ أيضاً..

اقتراح تصحيح

شاركها.