بدء أعمال التنقيب في “جزيرة مروح” الإماراتية

زار كل من محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة فبي أبوظبي، وسيف سعيد غباش مدير عام الدائرة، أمس جزيرة مروح، للوقوف على آخر مستجدات أعمال الحفر والتنقيب التي يقوم بها فريق من علماء الآثار في الجزيرة. وكان الفريق قد أعلن في وقت مبكر من هذا العام عن اكتشافات أثرية مهمة، قدمت معلومات مهمة حول طبيعة المجتمعات الإنسانية في أبوظبي قبل أكثر من 7000 عام. وأظهرت الآثار التي كشف عنها أحد مواقع التنقيب على جزيرة مروح الواقعة قبالة سواحل أبوظبي، أن الجزيرة كانت عامرة بمجتمع متحضر خلال تلك الفترة، وتميزت أنشطته بالتجارة وتحقيق التنمية رغم صعوبة الظروف المحيطة. كما أثبتت مدى مقدرة سكان تلك المجتمعات على التكيف مع البيئة المحيطة بهم. وأكد مسح الكربون المشع أن الموقع عبارة عن قرية تعود إلى العصر الحجري الحديث، كما أتاحت المئات من القطع الأثرية المكتشفة لفريق علماء الآثار إمكانية تكوين صورة شاملة لشكل الحياة في أبوظبي قبل نحو 7500 عام.

وفي تعليقه على أعمال التنقيب والحفريات المستمرة في جزيرة مروح، قال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة: “إن الاكتشافات الأثرية في جزيرة مروح، تعد مصادر لا تقدر بثمن، وذلك لطبيعتها التي مكنتنا من البحث والاكتشاف بصورة أكثر عمقاً في تاريخ أبوظبي والمنطقة، وفهم جذور تاريخنا وتراثنا، ونحن في دائرة الثقافة والسياحة ملتزمون بحفظ وصون تلك المكتشفات التاريخية، وإجراء بحوث دقيقة ومتقدمة وتوثيق جميع الاكتشافات وعمليات التنقيب، حتى نضمن انتقال تلك الكنوز التاريخية إلى الأجيال القادمة، حيث تعد المعلومات التاريخية التي توصلنا إليها من خلال آثار جزيرة مروح كشفاً تاريخياً مهماً لم يمكن التوصل إليه إلا عبر دراسات متأنية وأعمال تنقيب دؤوبة في المواقع الأثرية.”

وأظهرت الاكتشافات الأخيرة الكثير من الحقائق، من بينها، أن المجتمعات القديمة في جزيرة مروح كانت تعيش على تربية الأغنام والمواشي، وتستخدم أدوات حجرية لأغراض الصيد وذبح الحيوانات ومنها الغزلان. كما أكدت الكميات الكبيرة المكتشفة من عظام الأسماك وبقر البحر والسلاحف والدلافين، أن سكان تلك المجتمعات قد ألفوا حياة البحر واعتمدوا عليه كمورد للغذاء والرزق.

جوانب اجتماعية
كما كشفت آثار جزيرة مروح عن جوانب اجتماعية أخرى تدل على تطور إنسان تلك المجتمعات، ومن بينها خرزات صغيرة مثقوبة بعناية فائقة، مصنوعة من الصدف وأسنان أسماك صغار القرش، والتي يعتقد الباحثون أنها كانت تستخدم كحلي وأدوات للزينة.

ومن بين أهم الاكتشافات الأثرية الكاملة التي كشفت عنها جزيرة مروح، جرة مزخرفة من الخزف مصنوعة في العراق، تدل على ما وصلت إليه مجتمعات الجزيرة من قدرة على الإبحار والتنقل وممارسة التجارة عبر البحر، وتعتبر هذه الجرة التي انتقلت لآلاف الكيلومترات عبر البحر، دليلاً مبكراً على بدايات تاريخ الرحلات البحرية التجارية الطويلة في الخليج العربي.

وتشير الدراسات أن سكان مجتمع جزيرة مروح قد استمتعوا بطقس أكثر اعتدالاً وبهطول المزيد من الأمطار، بالمقارنة مع وقتنا الراهن. وعبر 6000 عام طرأت تغييرات جذرية على المنطقة وأصبحت الطبيعة قاحلة. وبعد أن هجر سكان القرية منازلهم، تم استخدام المنازل لغرض دفن الموتى، حيث تم العثور على هيكلين عظميين، كلاهما في وضعية تم إعدادها بعناية، وكانت الرأس باتجاه الشرق، وهو دليل على عملية دفن نموذجية، كما تتوافق مع الطريقة التي وجدت عليها هياكل أخرى تم اكتشافها في جبل البحيص في الشارقة. وما زال الخبراء عاكفون على دراسة تلك الهياكل العظمية، للخروج بمزيد من المعلومات حول عمر كل هيكل وصحته.

زر الذهاب إلى الأعلى