“أم الإمارات” تدعو لحل مشكلة التعليم في الطفولة المبكرة في أماكن التوتر والنزاع

دعت رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، أم الإمارات، الشيخة فاطمة بنت مبارك، اليوم الأربعاء، إلى بحث مشكلة التعلم لدى الطفولة المبكرة في أماكن التوتر والنزاع، المشكلة التي تقلق اليوم الأسر والمجتمع والدول المتاُثرة بالنزاع، ولأثرها على آلاف الأطفال المحرومين من التعليم والعناية. وقالت في كلمة ألقتها بالنيابة عنها الأمينة العامة للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة الريم عبدالله الفلاسي، في افتتاح أول حوار رفيع المستوى تستضيفة دولة الإمارات حول التعلم في مرحلة الطفولة المبكرة وتنمية الطفولة المبكرة في المناطق المنكوبة، إن “ظاهرة التعلم في تلك المناطق نشأت في الآونة الأخيرة بسبب الظروف القاسية والمختلفة التي يتعرض لها الأطفال والمنكوبون”.

وأضافت أمام جلسة الحوار في مقر الاتحاد النسائي العام أن “دولة الإمارات تسعى بشكل فعال واهتمام كبير لتوفير البيئة الصحية والتعليمية للطفل في مراحله العمرية، وتتوق بذلك إلى التوصل إلى رؤيا واحدة للجهات الصحية والإنسانية والتعليمية لاختيار البرامج والأولويات الخاصة بتنمية الطفولة المبكرة”.

وتابعت “من الواجب علينا أن نسلط الضوء على التحديات الحالية والحلول المقترحة لدمج تنمية الطفولة المبكرة والتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة في الأزمات الإنسانية، وكذلك في الأنظمة الداخلية لإدارة المنظمات، وللتجهيز لمنتدى الشراكة من أجل صحة الأم والوليد والطفل “PMNCH” الذي ستستضيفه الهند في نيودلهي في 13 و14 ديسمبر(كانون الأول) الجاري”.

وأوضحت أن المجلس الأعلى للأمومة والطفولة يعمل مع شركائه الاستراتيجيين لتحسين صحة ورفاهية النساء والفتيات والأطفال المتضررين من العنف والصراع، وأن دولة الإمارات العربية المتحدة تقيّم حالياً حجم مرحلة “الطفولة المبكرة” التي يعتبرها العلماء وخبراء تنمية الطفل واحدة من أهم المراحل في حياة الإنسان، إذ توفر مزيجاً من الصحة والتغذية والتحفيز والرعاية الأبوية التي تحدد الناتج المستقبلي لحياة الأطفال إضافةً  إلى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية على المدى البعيد لمجتمعاتهم.

وبدأ الحوار بحضور وزيرة الدولة لشؤون التعليم جميلة بنت سالم المهيري، ووزيرة تنمية المجتمع حصة بنت عيسى بوحميد، وعدد من المسؤولين وممثلي المنظمات الدولية المعنية وخبراء في تنمية الطفولة المبكرة.

وألقى عدد من المتحدثين الخبراء من شركاء المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، من هيئة الهلال الأحمر، ومؤسسة دبي العطاء، والأميرة سارة زيد المناصرة لصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال في البيئات، كلمات تحدثوا فيها عن أهمية توفير التغذية والصحة والتعلم المبكر للطفولة المبكرة.

وشكر هؤلاء دولة الإمارات العربية المتحدة والشيخة فاطمة بنت مبارك، والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة على استضافة هذا المؤتمر الهام، وقالوا إن “للشيخة فاطمة دور مميز في العناية بالأمهات والأطفال ولذلك فإننا متفائلون بنجاح هذا الحوار الهام الذي يناقش قضايا حيوية تتعلق بالأم والطفل”.

وتحدثت الأميرة سارة زيد فأعطت في كلمتها أرقاماً مذهلة عن النساء والأطفال المتأثرين بالنزاعات والكوارث في دول عديدة وقالت إن “هناك نحو 20 مليون طفل حديث الولادة معظمهم في آسيا وأفريقيا، وهناك 62% من الأطفال أقل من 5 سنوات يعانون من الأزمات وسوء التغذية ولا بد أمام هذا الواقع من معالجة هذه المشاكل والعمل بالدرجة الأولى للتغلب على مشكلة سوء التغذية الذي تعاني منه الأمهات والأطفال”.

وبدوره، تحدث مدير إدارة المساعدات الدولية بهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، حميد راشد الشامسي فقال إن “الهيئة تعتني بالمرأة والطفل باهتمام كبير خاصة في مناطق اللجوء الناتجة عن النزاعات، أو الكوارث الطبيعية، والذين لا مأوي لهم، وينشئ الهلال المخيمات التي تأويهم وتقدم لهم الغذاء والدواء”.

وأعطى مثالاً على ذلك، مخيم مريجيب الفهود بالأردن الذي يضم نحو 7 آلاف لاجئ سوري من بينهم 1850 امرأة و2338 طفل ترعاهم الهيئة وتقدم لهم الغذاء والصحة والتعليم، ويشهد المخيم يومياً طفلين أو ثلاثة جدد، وأشار إلى أهمية الحالة النفسية للطفل المتأثر بالأحداث التي عاشها، ما يدفع هيئة الهلال الأحمر إلى العمل على تقديم الدعم النفسي للأم والأطفال”.

وأضاف “في الصومال أيضاً لهيئة الهلال الأحمر دور كبير في رعاية اللاجئين المتأثرين بالمجاعة،وجدت الهيئة أن الأمهات في حاجة إلى الأغذية أولاً لإرضاع أطفالهن، كما أن إقامة المستشفيات في مواقع اللاجئين ضروري لتقديم العلاج لهم وإبعاد شبح العدوى الذي يصيب الكثيرين منهم”.

وأدارت الجلسة الأميرة سارة زيد وطرحت خلالها المواضيع ذات الأولوية التي تم تحديدها من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة و”مجموعة العشرين” G20 -المنتدى الدولي للحكومات، والأمم المتحدة في إطار مبادرة “الاستراتيجية العالمية بشأن صحة الأم والطفل والمراهق”، لبناء توافق في الآراء في دولة الإمارات بين الجهات الصحية والإنسانية والتعليمية وذلك لاختيار البرامج والأولويات.

وناقش الخبراء المتحدثين 3 محاور مترابطة بين موضوعي “تنمية الطفولة المبكرة” و”التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة” وهي: الغذاء والصحة والتعليم، وسبل العيش، وتمكين المرأة.

وتحدثت نائبة مدير قسم التغذية في برنامج الأغذية العالمي الدكتورة فتيحة تركي، عن  تغذية الأمهات فقالت إنه “يجب التركيز على الحاجة للتغلب على سوء التغذية والوقاية منها في كل المناسبات بهدف تنمية الطفولة المبكرة التي نحن بصددها”، مشيرة إلى أن الوقاية والعلاج لهذه المشكلة أمر أساسي ويجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من السياسات الحكومية، إذ أن نحو 2.1 مليار دولار تصرف على برامج التغدية للمتأثرين في مناطق النزاعات والكوارث وهذا مبلغ ضئيل إذا ما قيس بحجم الكارثة”.

وقالت المدير التنفيذي للشراكة من أجل صحة الأم والرضيع والطفل، هيلغا فوغستاد إن “الجانب الصحي للأمهات والأطفال يواجه تحديات حيث أن جميع الأطفال بحاجة إلى عناية من خلال تقديم الصحة الكاملة حتى ينمو ويرقى إلى الأفضل وبدون رعاية فإن هناك تأثيرات كبيرة سيتعرضون لها”.

واقترحت بعد أن قدمت أرقاماً وإحصائيات عن الأمهات والأطفال الذين بحاجة إلى الرعاية الصحية المستمرة، إقامة تعاون والاهتمام بالصحة الإنجابية والتنسيق بين الدول والمنظمات لتحقيق هذه الأهداف، كما اقترحت إنشاء مجلس إقليمي لدعم الطفولة والأمومة وإقامة مراكز تدريب لهم تعنى بالصحة.

وذكر مدير الشبكة العربية لتنمية الطفولة المبكرة الدكتور غسّان عيسى، أنه يجب الاستمرار في تقديم الدعم النفسي والرعاية للطفل من سن الولادة إلى 6 سنوات كما يجب إشراك الأب في العناية لأن الوالدين مسؤولان عن رعاية أطفالهما وكلما كان تعاونهما كبيراً كانت النتائج مهمة من حيث سلوك الأطفال وتلقيهم العناية الفائقة.

وكما تحدث خبراء من اليونيسيف ومكتب مفوضية اللاجئين ومؤسسة دبي العطاء وشاركهم عبر الاتصال المرئي طبيب أطفال استشاري منسق التطبيب عن بعد في وحدة صحة المرأة والطفل بمنظمة أطباء بلا حدود الدكتور دانيا غارسيا، وأجمع هؤلاء على أن المطلوب من الحكومات هو تطوير خططها لمساعدة الأطفال والتركيز على التعليم والتثقيف لتنمية الطفولة المبكرة والتعاون في تنفيذ هذه الخطط مع المؤسسات الإنسانية، وأشاروا إلى أهمية تثقيف الأمهات بضرورة الحفاظ على الصحة وتوعيتهن بأهمية الرضاعة الطبيعية.

وأعطى ممثل اليونيسيف أرقاماً وإحصاءات مهمة حيث قال إن “نحو 300 مليون شخص يعيشون في مناطق يتأثرون بها من استنشاق الهواء الملوث و86 مليون شخص غادروا بيوتهم من جراء الأزمات والكوارث و75 مليون طفل يعيشون في مناطق الصراعات”.

وأضاف أن “4% من الأطفال فقط يحصلون على التعليم ومن هنا تأتي أهمية التركيز على الطفولة ووضع خطة طويلة الأمد على المستويين الوطني والعالمي لعلاج هذه المشكلة مع مراجعة هذه الخطة بين فترة وأخرى وضرورة التركيز على الطفولة المبكرة وتنميتها”.

وتناول المستشار الإقليمي بشأن الصحة الإنجابية من صندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتور شبل صهباني، ورئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دولة الإمارات العربية المتحدة الأستاذة صوفي باربي، ومديرة السياسات في مختبر العمل لمكافحة الفقر الأستاذة نور مسلم شموط، الأساليب الكفيلة بضمان تحقيق معيشة جيدة للأمهات وتمكين المرأة في كافة مجالات العمل.

وكان بيان للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة قد أشار إلى أن النتائج التي سيتوصل لها الخبراء والمتحدثون في هذا الحوار ستدرج في جدول أعمال الاجتماع المقبل للمجموعة التوجيهية رفيعة المستوى لمبادرة “كل امرأة وكل طفل”، كما سيتم تضمين النتائج في منتدى “الشراكة من أجل صحة الأم والوليد والطفل” (PMNCH) الذي ستستضيفه حكومة الهند في نيودلهي في 13 و14 ديسمبر(كانون الأول) الجاري.

وقالت الريم عبدالله الفلاسي إن “رعاية الشيخة فاطمة بنت مبارك للاجتماعات السابقة بهذا الخصوص وضعت المجتمع الدولي على مسار جديد يضمن عدم التخلي عن الأمهات والأطفال والرضع في المناطق التي تعاني من أزمات إنسانية، وأن هذا التعاون أسفر عن صدور إعلان أبوظبي الذي أدى ضم مكون الأزمات الإنسانية في الاستراتيجية العالمية لصحة المرأة والطفل والمراهق وآلية التمويل المرتبطة بها”.

وذكرت في تصريح لها بمناسبة انعقاد هذا الحوار أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم حالياً  بالتركيز على مرحلة “الطفولة المبكرة” التي يعتبرها خبراء تنمية الطفل واحدة من أهم المراحل في حياة الإنسان حيث أن تلك المرحلة توفر مزيجاً من الصحة والتغذية والتحفيز والرعاية الأبوية التي تحدد الناتج المستقبلي لحياة الأطفال بالإضافة إلى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية على المدى البعيد لمجتمعاتهم.

وأضافت أن “الحاجة أصبحت ملحة لتنمية الطفولة المبكرة والتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة وبشكل خاص في المناطق المنكوبة، حيث يوجد في العالم حالياً 70 مليون طفل تتراوح أعمارهم ما بين 0 إلى 6 سنوات يقضون حياتهم كلها في مناطق النزاع، وتعيش 32 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب في مناطق منكوبة”.

وأشارت إلى أنه على الرغم من أن الأوضاع الإنسانية تؤثر على أقل من 5% من سكان العالم، إلا أنها تصل إلى 15% وكذلك إلى 60% من وفيات النساء الحوامل والأطفال.

وأوضحت أن أول 1000 يوم من الأيام الذهبية لحياة الطفل من بداية الحمل وحتى عيد الميلاد الثاني حظيت باهتمام محدود نسبياً من الجهات أو الحكومات الفاعلة في المجالين الإنساني والصحي، ونتيجة للفجوة الحاصلة بين أهمية تنمية الطفولة المبكرة والتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة ومستوى الدعم لهم، فإنه يتم إطلاق العديد من المبادرات الجديدة لتطوير الرؤية والارتقاء بها.

زر الذهاب إلى الأعلى