في حي الغورية بقلب القاهرة التاريخية، وفي رحاب الأزهر الشريف يقف رجل خمسيني يصنع شموعاً، تضيء للبسطاء أيامهم، وتنير البسمة على وجوه الحضور في الأفراح وأعياد الميلاد، وتجفف دموع الثكالى في المآتم، وتستقبل صراخ مولود جديد يعلن عن وصوله لهذا العالم. بدأ الرجل الخمسيني حديثه معنا بتعريف نفسه: “أنا اسمي حامد الشماع وشهرتي حامد الأبيض، أعمل في مهنة صناعة الشموع في حي الغورية بجوار جامع الأزهر الشريف ومسجد سيدنا الحسين رضي الله عنه”.

وبعد نظرة فاحصة للمكان، يتنهد عم حامد وهو يتابع حديثه، “أعمل في مهنة صناعة الشمع منذ 30 عاماً، وعلمتني هذه المهنة الصبر، فالشمعة تحترق في هدوء وصبر لكي تنير للناس حياتهم، هكذا أيضاً أي صاحب مهنة تفيد الناس وتساعدهم في حياتهم”.

ويمسك الرجل الخمسيني في يديه بعض الخيوط ويضعها في الشمع السائل، ويحدثنا عن طريقة صناعة الشمع: “الشمع يأتي خام وهو من مستخرجات البترول نضعه في وعاء كبير ونعرضه إلى درجة حرارة مرتفعة إلى أن يصبح سائلاً، ثم نضع الخيوط في هذا السائل لتظهر لنا الشمعة كما نراها”.

ويخرج عم حامد الشمع من الوعاء، ويكمل حديثه، “أي شمعة في بدايتها عبارة عن مجرد خيط فقط، ونحن من نحدد حجم الشمعة وشكلها، فهناك شمع للسبوع وشمع لأعياد الميلاد وشمع للأفراح وشمع للمآتم”.

وفي نظرة تحمل الكثير من الأسى، يضيف الرجل الخمسيني: “مهنة صناعة الشمع ليس لها مستقبل، لأنها تعد من المهن التي تعاني من الانقراض حالياً”.

شاركها.