فيديو 24| عم صلاح: “تصليح بوابير الجاز هوايتي قبل أن تكون مهنتي “

على صوت آيات من القرآن الكريم تأتي من راديو عتيق وضعه رجل خمسيني يمسك بيده أحد بوابير الجاز ليقوم بتصليحه، فيما يردد في سكينة خلف صوت قارئ القرآن الذي يخرج صوته من الراديو هامساً وكأنه يأتي من واد سحيق. يقف عم صلاح، في إحدى حارات القاهرة القديمة، أمام وابور جاز أتت به سيدة من شارع مجاولا يتفحصه ليتعرف على سبب العطل، ويختبر وابور الجاز بتركيز شديد وبنظرات ثاقبة من خلف نظارته الطبية، فيما يرد السلام على من يمر عليه من أبناء المنطقة مع تشييعهم بنظرات خاطفة أما يده فتعمل في دأب.

يروي عم صلاح تفاصيل بداياته في مهنة تصليح بوابير الجاز، ويقول: “أعمل في مهنة تصليح بوابير الجاز منذ 40 عاماً، وكان عمري وقتها لم يتجاوز 10 سنوات فقط، وكنت أعمل بها بجانب الدراسة”.

يشير الرجل الخمسيني بيده إلى أحد بوابير الجاز الذي انتهى من تصليحها، ويتابع، “تصليح بوابير الجاز بالنسبة لي ليست مجرد مهنة فقط بل هوايتي المفضلة التي لا أستطيع الاستغناء عنها أبداً”.

ينظر عم صلاح لنا بنظرة أسى فيما زالت يده تعمل في دأب، ويضيف، “زمان كانت مهنة تصليح بوابير الجاز مزدهرة جداً، فكان لا يخلو بيت من وابور جاز واثنين وثلاثة وأكثر، أما الآن فبوابير الجاز تكاد تكون انقرضت ونادراً ما تجد بيتاً يوجد به وابور جاز على عكس الماضي”.

يشعل الرجل الخمسيني وابور الجاز الذي وضعه أمامه ليختبره بعد تصليحه، فيما تنعكس النيران على وجهه، ويكمل حديثه لنا: “أصبح الآن هناك الكثير من البدائل لبوابير الجاز من بوتجازات وسخانات ودفايات، إلا أن لوابور الجاز سحر لا يعرفه سوى من تعود عليه”.

تأتي سيدة من أهالي المنطقة إلى عم صلاح لتحصل على وابور الجاز بعد أن أصلحه، فيمد لها يده بالوابور ويحصل منها على أجره، وهو يقول لنا: “هذه المهنة انقرضت بالفعل فلا أحد من الشباب يتعلمها ولا يعمل بها في القاهرة إلا شخصين أو ثلاثة فقط، فبعد وفاتنا لن تجد من يعمل في تصليح بوابير الجاز نهائياً”.

يتناول عم صلاح من السيدة النقود نظير عمله، فيقبلها ويرفعها إلى رأسه ثم يضعها في جيبه، ويحدثنا: “الحمد لله حصلت من هذه المهنة على نصيبي، وأتمنى أن يكون أولادي في أحسن حال وأكون أنا بخير”.

زر الذهاب إلى الأعلى