يصاب البعض بالاكتئاب بعد نهاية شهر رمضان نتيجة لتبدل جذري في نمط صحي ونفسي اعتاده لشهر كامل.

قد يجادل البعض بأن الحالة يجب أن تكون معكوسة؛ إذ إن الاكتئاب يجب أن يكون خلال رمضان وليس بعده؛ لأن النمط الطبيعي للحياة هو خارج رمضان، بينما الاستثناء هو خلال فترة الثلاثين يوماً تلك.

 نظرياً الجدال هذا يمكن وصفه بالواقعي والصحيح،  خصوصاً أن عدداً كبيراً من الصائمين يصابون بالاكتئاب خلال رمضان، لكن خصوصية الشهر والأجواء الدينية والاجتماعية التي يعيشها المسلم خلال الشهر تهون عليهم كآبتهم، وتمنحهم  «فسحة» للفرح والأمل والإيمان.

وللاكتئاب بعد رمضان أسباب عديدة بعضها مرتبط بالتغيرات الجسدية، ومنها نفسية تتعلق بخصوصيات الشهر. وهناك أيضاً متغيرات اجتماعية فرضتها النزاعات التي تعيشها الدول العربية، والتي شتتت العائلات وهجرتها، فتزحف الكآبة إلى نفوسهم كبديل عن الفرح والبهجة.

ولأنه لا قدرة لنا على تبديل الواقع المعيش فإن النصائح ستنحصر بما يمكن تعديله وتبديله.

أولاً- النظام الغذائي والنوم: إن التبديل المفاجئ لعادات الأكل والشرب والنوم خلال وبعد شهر رمضان كفيلة بخلق حالة من الاكتئاب. ومن المعروف أن اضطرابات النوم تمتد أحياناً لما بعد الشهر الفضيل، والعلاقة بين الأرق والاكتئاب معروفة وشائعة.

المكتئب يصاب بالأرق والأرق يؤدي إلى الاكتئاب، لذلك فإن الصبر خلال قيامكم بتعديل نظام نومكم ضروري جداً. ويدخل النظام الغذائي أيضاً ضمن هذه الحلقة، فالمكتئب قد يتناول الطعام بشراهة، وقد ينقطع عنه كلياً، الأمر الذي يؤثر على قدرته على النوم. الأمران يؤديان إلى الاكتئاب. لذلك يجب أن تكون أولوياتكم بعد شهر رمضان هي استعادة نمطكم الغذائي المعتاد، بالإضافة إلى تعديل ساعتكم البيولوجية.

ثانياً- التعبد والأجواء الروحانية: تساعد الخاصة برمضان على تزويد المرء بسعادة وصفاء ذهني ونفسي. لكن البعض يحصر ممارسته للعبادات بشهر رمضان فقط، وينصرف خارجه لأموره الخاصة. التخلي عن العبادات التي ما انفكت تزودك بسعادة لثلاثين يوماً خطوة غبية جداً. صحيح أن الانسان لا يمكنه اعتماد وتيرة التعبد نفسها المفروضة خلال شهر رمضان؛ لأنها تتطلب الاستيقاظ لفترات طويلة خلال الليل، لكن يمكن المحافظة على نمط معين يزوده بتلك الراحة النفسية.

ثالثاً-الفراغ: شهر رمضان عبارة عن جدول مزدحم للغاية يبدأ بالاستعداد لوجبات الإفطار والسحور، وما يتخللها من واجبات اجتماعية، وممارسات دينية وعادات شخصية تتعلق بمشاهدة التلفزيون وسواها. وفجأة تتوقف كل هذه الأمور، ويجد الشخص نفسه أمام فراغ قاتل لا يعرف كيفية التعامل معه.

ورغم أن البعض ينشغل طوال يومه بوظيفته لكن ذلك الشعور الثقيل الجاثم فوق صدره يرافقه طوال يومه. وللتخلص منه ينصح بإيجاد ما يشغلك بعد ساعات الدوام، فنحن في فصل الصيف ومخططات الترفيه لا تعد ولا تحصى.

رابعاً- الضغط المادي: قد تجد نفسك فجأة مفلساً بعد شهر رمضان والعيد، وقد تجد نفسك تحاول من دون جدوى الخروج بخطة تجعل من القلة الباقية من الراتب تكفي حتى نهاية الشهر.

لن نشهر بوجهك جملة طلبنا منك خلال الشهر الفضيل، فما حصل واقع ولا سبيل لتغييره. لكن يمكن على الأقل محاولة الحد من المصروف خلال العيد. لا نصائح فعلية لكيفية إدارة راتب لم تعد تمتلكه سوى الاعتماد على المواد الغذائية المتبقية من مخزون شهر رمضان علها تسعفكم للوصول إلى نهاية الشهر بسلام.

خامساً- الرياضة: ممارسة الرياضة تخلصك من التوتر وتحفز الجسم على فرز هرمون السعادة وتساعد جسمك على استعادة نمطه الطبيعي في النوم والأكل. كما أنها وسيلة مفيدة جداً لقتل وقت الفراغ ومناسبة للخروج من المنزل. يمكن اعتماد رياضة المشي في منطقة هادئة أو الذهاب إلى النادي. فالرياضة تختصر عدة خطوات تساعدك على التخلص من الشعور بالكآبة.

شاركها.