القلق على الأبناء

تربية الأبناء أمر شاق ومسؤلية كبيرة حيث تتشكل شخصية الطفل من القيم والمبادئ التي يرسخها والديه في ذهنه خلال مرحلة الطفولة ، ونجد أن هناك الكثير من الأباء والأمهات يرتكبوا العديد من الأخطاء بدافع الحب المفرط لأبنائهم والقلق الزائد عليهم مما يؤثر بشكل أو بأخر على نفسياتهم و سلوكياتهم ، فهناك نوعين من القلق قلق طبيعي ( إجتماعي ) وهو أمر خارجي مثلا تخاف الأم من حريق أو حيوانات مفترسة أو غرق أحد أبنائها ، وهذا القلق يعد قلق طبيعي ولابد من أن يوجد بكل إنسان ، وهناك نوع أخر من القلق هو القلق المرضي وهذا لا يجب توافره عند الأم أو الأب لما له من أثار سلبية كثير جدا من أهما أنه يولد شعور لدى الطفل بعدم الثقة ولا يرغب بالتكيف مع المجتمع الذ يعيش به ، ويجعله إنطوائي إلى حد كبير هذا إضافة إلى أنه قد يصيبة ببعض الأمراض النفسية

القلق الزائد عند الأمهات عى أطفالهم
القلق الزائد عند الأمهات عى أطفالهم

درجات القلق على الأبناء

القلق أو الخوف على الأبناء أمر طبيعي ونولد به وينشأ مع الأم منذ بداية تكوين الجنين في رحمها ، فنجد أنها تخاف مثلا من عدم إكتمال الحمل ورؤية طفلها ، ولذا نجد أن القلق على الأبناء درجات عديدة منها

  • القلق من تعرض الطفل للخطر ، فنجد الأم على سبيل المثال تخاف من أن يصعد أبنها السلم لربما يؤدي ذلك إلى كسر أحد قدميه أو إلتوائها ولا تفكر مطلقا أن ذلك سيعلمه مهارة جديدة
  • القلق من المرض ، فنجد أن بعض الأمهات تخاف على أبنائها اللعب مع أطفال أخرين حتى لا تحدث لهم عدوي فتخاف أن يصابوا ببعض الأمراض مثل الجدري أو الأنفلونزا أو الحصبة وغير ذلك من الأمراض المعدية
  • القلق من المستقبل ، فهناك بعض الأمهات تقلق على أبنائها لدرجة أنها تهدم مستقبلهم ،حيث تجعل الأبناء يعتمدون بشكل كلي عليها ، وعندما يكبر في المستقبل يصبح ولد إنطوائي وزوج إتكالى .
  • المقارنة ، فنجد أن الوالدان دائما ما يقوموا بمقارنة أبنائهم بأبناء الجيران والأقارب والأصدقاء ، فتعدم لدى الأبناء الثقة بالنفس وتولد لدى الأبناء تشتت ذهني .

القلق على مستقبل الأبناء

أحيانا يخشى الوالدان على أولادهم من المستقبل ظنا منهم أنهم سيموتوا أولا قبل أبنائهم ويتركوهم ولن يجدوا من يحن عليهم فيفكروا في كتابة كل ما يملكوا إلى أبنائهم حتى يكون ذلك لهم حاجز من صدمات الزمن ، وهنا وجب القول أن التأمين الحقيقى لهذه القضية هو تذكر قول الله تعالى (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا )، وبالتالي لتأمين أولادي يجب أتقاء الله وقول الحق ولكن أن أعطي أولادي كل ما أملك وأظلم أناس أخرين فهذا غير صحيح ، حيث من منع وارث من أرثه منعه الله من أرثه في الجنة يوم القيامة ، فخير ما نترك لأولادنا هو المعاملة الحسنة والسيرة الطيبة و المال الحلال و تربية صالحة و أم فاضلة ، أما أنا أترك لأولادي مالا أو أرضا أو عقارات وأمنع من يستحق من الورث فهذا غير صحيح ، فالله أعلى وأعلم من سيموت أولا فربما تظن أنك ترث شخص ما فإذا بهذا الشخص هو الذي يرثك فالموت لن يطلع عليه أحد ، فلا تجعل قلقك على مستقبل أبنائك يقودك للوقوف أمام شرع الله .

القلق الزائد عند الأمهات

أغلب مشكلات الأمهات مع أبنائهم تنبع من القلق الزائد لديهم ،لكن نجد مثلا أن الأبناء ليس لديهم دافعية للدراسة ،إلا من خلال صراخ الأم و مقارنتها بغيرهم وبالتالي نجد أن الأبناء ليس لديهم أي قدرة على مواجهة أي مشكلة عابرة في المدرسة ، وسرعان ما يصابوا بخيبة الأمل عند الفشل مثلا في مباراة ، فنجد أن الأبناء لديهم الكثير من المشاكل منها التبعية والإعتمادية وعدم القدرة على الإلتزام ورغبة زائدة في الترفيه كل هذه المشكلات وغيرها من المشكلات الشائعة لدى الأبناء يعد القلق الزائد هو أهم أسبابها ، فعندما تتحدث مع أي أم تجدها تبرر هذا القلق الزائد بخوفها على أبنائها ، وهنا يجب أن ننصح الأمهات بأن أولادكم قد جاؤا من خلالكم وليسوا إحدى ممتلكاتكم الخاصة ، فأنتم فقط مأتمنون على هؤلاء الأبناء لمدة معينة ومطلوب منكم خلال هذه المدة توفير بيئة أكثر أمان لأبنائكم يستطيعوا من خلالها الخطأ ويرتكبوا حماقات حتى يمكنهم التعلم وإكتساب الخبرات وليست بيئة لا تحتوي إلى على الأوامر والنهي .

قلق الأمهات على أبنائهم ومراقبتهم
قلق الأمهات على أبنائهم ومراقبتهم

القلق و مخاطر التجسس على الأبناء

في بعض الحالات يقود القلق الزائد من الوالدين على الأبناء إلى التجسس على أبنائهم ، فيجب تذكر قول الله تعالى ( ولا تجسسوا ) وبالتالى ليس مسموح للوالدين التجسس على الأبناء بأي حال من الأحوال حتى وإن كان ذلك بدعوى القلق عليهم ، وفي النهاية المتضرر الأول من التجسس هو الوالدين هذا إضافة إلى أن الأبناء سيفقدوا الثقة بهم وسوف يبحث عن طرق أخرى من أجل الخصوصية ويدفعوا أبنائهم بكل طاقتهم للكذب ، وبالتالي فإن التجسس غير مسموح به نهائيا بينما مهمة الوالدين هو تعليم الأبناء الثواب وعندما يخطأ فيجب تعليمه الدرس من هذا الخطأ وعندما يكرر الخطأ نعلمه التسامح

التجسس على الأبناء بدعوى القلق عليهم
التجسس على الأبناء بدعوى القلق عليهم

أمراض تتعرض لها الأم نتيجة القلق على الأبناء

هناك مجموعة كبيرة من الأمراض تزداد إحتمالية تعرض الأم لها نتيجة القلق الزائد على الأبناء مثل السكر و الضغط وغيرها من الأمراض التي ترتبط بالتوتر ونجدها تزيد مع الضغط العصبي ، وفي الحقيقة فإن مرض السكر لا ينشأ فقط من الضغط وإنما لابد أن يكون هناك إستعداد للإصابة بالمرض ، فعندما يكون هناك ضغوط فهذا يزيد من  إحتمالية الأصابة بالمرض و يسرعه ، فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص مقدر له أن يظهر مرض السكري لديه عند سن أربعين أو خمسة و أربعين فأن القلق الزائد على الأبناء من شأنه أن يظهر المرض عند عمر خمسة وثلاثون مثلا ، وجميعنا نرى الأن أن في معظم الدول العربية ومن بينها مصر نجد أن أمراض الشرايين تظهر عشرة سنين مبكرا عن المتوسط الموجود بالدول الغربية ويرجع ذلك إلى تغير نمط الحياة ، فنجد الأن أن ما يقل عن خمسين بالمائة من نسبة الوفيات بشكل عام نتيجة أمراض القلب و الشرايين .

علاج القلق المرضي على الأبناء

إذا كان القلق مثلا على الأولاد من الحسد ، فالنبي صل الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين في كل صباح ويوضع يديه الشريفتين على رأسهم ويقول ( أعوذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة )، فيجب الإستعاذة من الأشياء التي قد تضر أبنائنا و يجب العلم أن الله هو الحافظ و أنه يجب التوكل على الله سبحانه وتعالى والحرص على إطعام الأبناء من حلال ، أما الخوف الزائد والخارج عن الحدود الطبيعية فإن هذا وهم شيطان و عبارة عن وسوسة يجب الإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وفي بعض الحالات تحتاج إلى الذهاب إلى طبيب نفسي لعلاج الوساوس القهرية .

زر الذهاب إلى الأعلى