إن الإستغفار هو زاد الأبرار ، و مفزع الصالحين ، وحياة القلوب ، و راحة الروح ، و الإستغفار سبب لزوال المصائب و تفريج الكربات ، فما نزل بلاء إلا بذنب و لا رفع إلا بتوبة ، و جلاء القلب من سواد المعاصي و الذنوب لا يكون الا بالإستغفار ، فالذنوب و تتابعها على القلب تسبب الران ، و هو السواد الذي اذا غطى القلب و أهمل العبد في التوبة بعد الذنوب ، انتكس القلب ، وأصبح لا يعرف معروفاً ، و لا ينكر منكراً ، إلا ما أشرب من هواه .

فوائد الإستغفار

تنقية القلب و تطهيره

الاستغفار يعمل على تنقية القلب و تطهيره من الذنوب و المعاصي ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئةً نُكِتَت في قلبه نكتةٌ سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زِيدَ فيها حتى تعلوَ قلبَه، وهو الران الذي ذكر الله: { {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} } [المطففين: 14]  .

قال ابن القيم رحمه الله : سألتُ شيخ الإسلام ابن تيمية، فقلتُ: يسأل بعض الناس: أيُّما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار؟ فقال: إذا كان الثوبُ نقيًّا، فالبخور وماء الورد أنفعُ له، وإن كان دَنِسًا، فالصابون والماء أنفع له. قال ابن القيم: مِن أعظم أسباب ضِيق الصدرِ الإعراضُ عن الله، والغفلةُ عن ذكره، ولا يزال الاستغفارُ الصادق بالقلب حتى يردَّه بالصحة والسلامة .

فوائد الاستغفار .
فوائد الاستغفار .

و قال العلماء أن العبد إذا أذنب ذنباً ظهرت بقعة سوداء على قلبه فان تاب ذهبت و الا تزايد السواد مع تزايد الذنوب حتى يختم على القلب .

عن بكر المُزَني رحمه الله قال: إن أعمال بني آدم تُرفَع، فإذا رفعت صحيفةٌ فيها استغفار رُفِعَت بيضاء، وإذا رُفِعَت ليس فيها استغفارٌ رُفِعَت سوداءَ.

الاستغفار سبب السعادة يوم القيامة

فعن عبدِالله بن بُسْر رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (( «طُوبَى لِمَن وَجَد في صحيفته استغفارًا كثيرًا» ))؛ أخرجه ابن ماجه بسند حسن.

وعن الزُّبَير بن العوَّام رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( «مَن أحبَّ أن تَسُرَّه صحيفتُه، فليُكثِر فيها مِن الاستغفار» ))  .

من استغفر من ذنوبه غفر الله له

قال سبحانه: { {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} } [الإسراء: 25].

وقال سبحانه: { {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} {} } [النساء: 110].

وقال سبحانه: { {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64].

فوائد الاستغفار .
فوائد الاستغفار .

وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

فإن الله سبحانه و تعالي يغفر للعبد كل الذنوب الا الشرك ، فمن مات عليه فلا يقبل الله منه صرفاً و لا عدلاً .

وعن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: (( «يا عبادي، إنِّي حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم مُحرَّمًا، فلا تظالموا، يا عبادي، كلُّكم ضالٌّ إلا مَن هديتُه، فاستهدوني أَهْدِكُم، يا عبادي، كلُّكم جائعٌ إلا مَن أطعمتُه، فاستطعموني أُطعِمْكم، يا عبادي، كلُّكم عارٍ إلا مَن كسوتُه، فاستكسوني أَكْسُكم، يا عبادي، إنكم تُخطِئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أَغْفِرْ لكم» ))  [أخرجه مسلم]  .

الاستغفار علاج للإصرار على الذنب

عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربِّه عز وجل، قال: ((أذنب عبدٌ ذنبًا، فقال: اللهم اغفِرْ لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلِم أن له ربًّا يغفِرُ الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنَب، فقال: أي رب، اغفِرْ لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا فعلم أن له ربًّا يغفِرُ الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفِرْ لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلِم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمَلْ ما شئت، فقد غفرتُ لك))   .

فوائد الاستغفار .
فوائد الاستغفار .

قال العلماء: قدَّم المغفرة على المؤاخذة؛ لكرمه سبحانه. قالوا: “وقوله: ((اعمل ما شئت فقد غفرت لك))، لا يدل على إباحة المعاصي، ولا الاجتراء على الله بكثرة الذنوب، وإنما معناه: ما دمت تذنب ثم تتوب، غفرت لك.

الإستغفار علاج لليأس من كثرة الذنوب

العبد اذا لزم الاستغفار و التوبة لم يكن للشيطان له سبيل في ان يقنطه من رحمة الله و يقول له الى كم تذنب ؟ و ترجو ان يقبل الله توبتك ، فالتوبة بعد الذنب مهما كثر الذنب من اخلاق المؤمنين ، وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( «والذي نفسي بيده، لو لم تُذنِبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقومٍ يُذنِبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم» ))

وعن أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( «إن الشيطان قال: وعزَّتِك يا رب، لا أبرَحُ أُغوِي عبادك، ما دامَتْ أرواحُهم في أجسادِهم، فقال الرب تبارك وتعالى: وعزَّتي وجلالي، لا أزال أغفِرُ لهم، ما استغفروني» ))

وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( «مَن قال: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاثًا، غُفِرَت له ذنوبُه، وإن كان فارًّا مِن الزحف»

فوائد الاستغفار
فوائد الاستغفار

الاستغفار سبب للنجاة من عذاب الله

فلو أن عبداً قام بكل الخير للناس من كرم ، واحسان ، و اطعام للفقراء ، لكنه كان كافراً ، و لم يستغفر في يوم من الأيام ربه ، فلن ينفعه ذلك ، عن عائشة رضي الله عنها قلت: يا رسول الله، ابنُ جُدْعَانَ كان في الجاهلية يَصِلُ الرَّحم، ويُطعِم المسكين، فهل ذاك نافِعُه؟ قال: “لا ينفَعُه، إنه لم يَقُلْ يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» ))

الإستغفار سبب لزيادة الرزق وكثرة الذرية

قال الله تعالى: { {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} } [هود: 3].

قال العلماء: { {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا } ?؛ أي: يُمتِّعْكم بالمنافع من سَعَة الرزق ورَغَد العيش، والعافية في الدنيا، ولا يستأصِلْكم بالعذاب كما فعَل بمَن أهلَك قبلكم ? إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ?، وهو وقت وفاتكم .

وقال نوح عليه السلام: { {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} } [نوح: 10 – 12]

قال مقاتلٌ رحمه الله: لَمَّا كذَّبوا نوحًا زمانًا طويلًا، حبَس الله عنهم المطر، وأعقَمَ أرحام نسائهم أربعين سنةً، فهَلَكت مواشِيهم وزُرُوعُهم، فصاروا إلى نوحٍ عليه السلام واستغاثوا به، فقال: استغفروا ربكم إنه كان غفارًا.

 

فوائد الاستغفار .
فوائد الاستغفار .

الإستغفار سبب لرفع العذاب في الدنيا

عن فضالة بن عُبَيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( «العبدُ آمنٌ مِن عذاب الله ما استغفَرَ اللهَ» )).

وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: «خسَفَتِ الشمسُ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فقام فَزِعًا يخشى أن تكونَ الساعةُ، حتى أتى المسجد، فقام يُصلِّي بأطولِ قيامٍ وركوع وسجود، ما رأيته يفعله في صلاة قط، ثم قال: ((إن هذه الآياتِ التي يُرسِلُ اللهُ لا تكون لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكن الله يُرسِلُها يُخوِّف بها عباده، فإذا رأيتُم منها شيئًا، فافزَعوا إلى ذكرِه ودعائه واستغفاره» ).

شاركها.