الثلاثاء, مارس 19

كما هو معروف للصيام فوائد صحية لا تعد ولا تحصى. ولكن لرمضان أيضاً فوائد نفسية عديدة وإن كان تأثيرها يختلف بين شخص وآخر.

الصيام له فوائده المؤكدة من الناحية النفسية وإن كان في بعض الحالات يتعارض مع بعض الأمراض النفسية والعصبية ولكن في الوقت لا يتعارض مع الكثير من هذه الأمراض.

الحالة النفسية للشخص ترتبط بعوامل عديدة ولذلك نجد تأثير رمضان النفسي يختلف بين شخص وآخر فهناك نمط الحياة، شخصية الفرد، وحجم قدرته على التأقلم، ناهيك عن حجم إيمانه ورحانيته..كل هذه الأمور تحدد الى أي جهة ستميل الكفة.. الإيجابي أم السلبي.

الإكتئاب وارد خلال الفترة الأولى

خلال الفترة الأولى للصيام قد يختبر الصائم بعد الحزن والإكتئاب. السبب يرتبط بالتغيرات المفاجئة التي طرأت على حياته سواء لناحية مواعيد الوجبات أو ساعات النوم أو حتى الروتين اليومي. هذا التغيرات تجعل المشاعر السلبية تطفو على السطح وتظهر. خلال الصيام وحين يدخل الجسم مرحلة التخلص من السموم فهو أيضاً يتخلص من المشاعر «السامة»، ولكن هذه الفترة مؤقتة ما تلبث أن تختفي.

الراحة النفسية بعد الإكتئاب

بعد إعتياد الجسم على النمط الجديد فهو يدخل مرحلة من الهدوء خصوصاً وأن الصيام يؤدي الى حدوث التوازن داخل الجسم ما ينعكس إيجاباً على الصحة البدنية وبالتالي النفسية. يضاف الذي ذلك واقع أن التواصل الإجتماعي بين العائلات والأندماج في الأجواء الرمضانية تمنح الصائم مشاعر السكينة والطمأنينة.

الصلاة والعبادة.. علاج نفسي

عندما يقف الصائم بين يدي الله فهو يشعر بالتواضع ما يساعده على التخلص من كل تلك المشاعر السلبية التي يختزنها. الصلاة والعبادة تعلم الانسان الهدوء والصبر والطاعة وبالتالي تمكنه من التحكم بتوتره وغضبه وقلقه. وكما هو معروف طقوس العبادة تمنح الإنسان طاقة روحانية تدخل الإطمئنان الى قلبه وتزيل عنه همومه. وحتى أن عدداً من الدراسات الغربية أكدت بأن الصلاة وممارسة طقوس العبادة من أنجح أساليب علاج الإكتئاب.

إرادة أقوى وتغيير نحو الأفضل

الصيام يقوي الإرادة وبالتي يمنح الشخص التصميم والعزيمة لمواجهة كل الضغوطات. كل صائم وبعد أن يتجاوز يومه يشعر بالرضى لانه تمكن من كبح كل رغباته ولم يستسلم للإغراءات وتمكن من ضبط نفسه ما يزيد شعوره بالثقة بنفسه. الصيام ينمي الشخصية ويهذبها لأنه يمنح كل واحد منا الفرصة للتأمل وإكتشاف نقاط ضعفه وتقويتها كي يصل الى مرحلة التوازن التي تجعله في حالة نفسية إيجابية.

الإسترخاء والتأمل

لعلك في كل موضوع تطالعه عن الصحة النفسية تجد نصيحة بضرورة ممارسة التأمل والاسترخاء.. ولكنك في الواقع تمارس التأمل  والاسترخاء في كل مرة تقرأ فيها القرآن الكريم أو تعتكف فيها في المسجد أو تصلي بخشوع. هذه العبادات هي أفضل مقاربات لهدوء العقل والنفس.

وقاية من الإضطرابات النفسية 

أظهرت الدراسات بأن الدين يتمتعون بشخصية متزنة وبلتزمون بأداء العبادات وتطبيق تعاليم الدين في تعاملهم هم الأقل إصابة بالإضطرابات النفسية. وحتى ولو لم تشكل العبادات والصيام وقاية كاملة وشاملة لهم فإن الدراسات أكدت أيضاً أن حتى الذين يصابون ببعض الإضطرابات النفسية من المؤمنيين والملتزمين بالعبادات يستجيبون بشكل أفضل من غيرهم مع العلاج.

معدل غضبك قد يرتفع

في الواقع الأمر هذا يرتبط بنمط حياتك خارج رمضان وداخله. في حال كنت من المدخنين فأنت من دون شك ستكون غاضباً طوال شهر رمضان. وفي حال كنت تعتمد على المنبهات فحالتك النفسية ستكون سيئة. ولكن في حال لم تكن من المدخنين ولكنك من النوعية التي لا يمكنها التأقلم بسرعة فستختبر مشاعر الغضب والتوتر. وفي حال لم تكن أي مما ذكر سابقاً ولكنك تسهر لساعة متأخرة خلال رمضان وبالكاد تحصل على ٣ أو ٤ ساعات من النوم فأنت بالتأكيد ستكون بمزاج سيء وقد تختبر مشاعر الإكتئاب.

المرضى النفسيين والصيام 

في حال كنت تعاني من الإكتئاب أو من الذهان أو من أي مرض نفسي فيجب إستشارة الطبيب قبل الصيام. دراسة مغربية أجريت قبل أعوام على مرضى الذهان بينت بأن الصيام كان تأثيره سلبي عليهم إذ أن معدل الأرق تضاعف كما أن حالتهم النفسية تدهورت. وفق الدراسة السبب يرتبط بالتغيير المفاجئ في نظام النوم والإستيقاظ وتناول الطعام ناهيك عن زيادة معدل التوتر والعصبية ما جعل حالتهم تسوء بشكل كبير.

أما مرضى الإكتئاب ورغم أن رمضان يمكنه أن يخرجهم من عزلتهم ويساعدهم على التغلب على حزنهم ولكن لا يجب الصيام قبل إستشارة الطبيب. فالإكتئاب هو نتيجة مباشرة لإنخفاض السيروتينين في الدماغ والأدوية التي تعالج الاكتئاب تخلق التوازن مجدداً وأي تلاعب بمواعيد الأدوية من دون إستشارة الطبيب يمكنه ان يجعل الحالة تسوء.

قيام الليل والتهجد.. لصحة عقلية أفضل

قد يتساءل البعض عن سبب إختيار الليل ليكون وقتاً للعبادة بينما الإنسان يحتاج للنوم من أجل صحته النفسية والعقلية. وفق دراسات عديدة تبين بأن الحرمان من النوم للمرضى المصابين بالاكتئاب لليلة كاملة ترك أثره الإيجابي على هذه الفئة.

ولكن ماذا عن غير المصابين بالإكتئاب؟ في دراسة أجريت في باكستان تبين بأن الحرمان من النوم في النصف الثاني من الليل لفترة محدودة ترك أثره «العجائبي» على الصحة العقلية والنفسية للمشاركين .

شاركها.