تفسير سورة الاخلاص و هل تعدل ثلث القرآن

سورة  الإخلاص من السور العظيمة في القرآن الكريم ، و كل كلام ربي عظيم ، و هي سورة فيها صفة الرب سبحانه و تعالى ، و لها الكثير من الفضائل التي وردت في كتب السنة النبوية .

سورة الاخلاص .
سورة الاخلاص .

سبب نزول سورة الإخلاص

ورد في كتب السنة في أحاديث صححها العلماء أن الكفار جاءوا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالوا له صف لنا ربك ، أو انسب لنا ربك سبحانه و تعالى ، فانزل الله سورة الإخلاص .

عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : ” أَنَّ المُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ.

وعَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ: ” قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه السورة ” .

تفسير سورة الإخلاص

(قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ . اللَّـهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص: 1-3]

  • (قل) : أي يا محمد ، فالخطاب موجه الى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و كل خطاب للنبي فهو خطاب لأمته .
  • ﴿ هُوَ ﴾: ضمير عائد على الرَّبِّ، فقد صحَّ الخبر بأن قالوا: انسب لنا ربَّك، فأنزل الله ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾؛ أي: قُل: ربِّي الله أحدٌ.
  • (أَحَدٌ ﴾ : الأحد المنفرِد بصِفاته، فلا شبيه له ولا مثيل،وهو سبحانه و تعالى متوحد بجلاله وعظمته، ليس له مثيل، وليس له شريك، بل هو متفرد بالجلال والعظمة عز وجل. ، فالله هو الأحَد، الذي لا يشاركه في هذا الوصف موصوف، والأحَدية هي الصِّفة التي لا يشارك الله سبحانه فيها أحد، كما أن (الله) هو اسم الذَّات الذي لا يسمَّى به أحد سواه، فالله سبحانه الأحَد في ذاته، الأحَد في صِفاته..

قال الأزهري: (الواحد) من صِفات الله تعالى؛ معناه أنه لا ثاني له، ويجوز أن ينعت الشيء بأنه واحد، فأما (أحَدٌ) فلا ينعت به غير الله تعالى؛ لخلوص هذا الاسم الشريف له جلَّ ثناؤه.

  • ( اللَّهُ الصَّمَدُ ) : عن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: “﴿ الصَّمَدُ ﴾ السيِّدُ الذي قد انتهى سُؤددُه”؛

وعن إبراهيم النخعيِّ قال: “﴿ الصَّمَدُ ﴾ الذي يصمد إليه النَّاس حوائجهم ”  أي يقصدونه سبحانه و تعالى في حوائجهم  ، وعن الحسن قال: “﴿ الصَّمَدُ ﴾ الباقي بعد خلقه” .

المعنى الجامع الذي يدخل فيه كل ما فُسِّر به هذا الاسم الكريم، فالصَّمد هو كامل الصِّفات الذي قد كَمُل في علمه، وملكه، وحكمته، وحلمه، وقدرته، وعظمته، ورحمته، وسائر أوصافه، وهو الذي تصمُدُ إليه – أي تقصده – جميعُ المخلوقات بالذلِّ والحاجة والافتقار.

  • ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾  أي: ليس له ولَدٌ ولا والدٌ ولا صاحبةٌ.
  • ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ : (الكُفو) لغة هو النَّظيرُ، فالله لا نظير له ولا وَزير، ولا نديد ولا شبيه ولا عديل. .

وفي هذه الآية الكريمة نفي الأشباه و الانداد لله سبحانه و تعالى ، و تفرده جل في علاه بكل صفات الجلال و الكمال التي لا يشاركه فيها جل في علاه أحد من خلقه .

و اسم الله  ( الأحد ) و ( الصمد ) اسمان من أسماء الله الحسنى لم يرد ذكرهما في القرأن الكريم الا في هذه السورة المباركة .

سورة الاخلاص .
فضائل سورة الاخلاص

فضل سورة الإخلاص و هل تعدل ثلث القرآن

وردت الكثير من الفضائل لسورة الإخلاص ، و بينت أنها بالفعل تعدل ثلث القرآن في الأجر و الثواب ، فمن قرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات نال من الأجر كمن قرأ القرأن الكريم كله .

و من الأحاديث الواردة في فضل سورة ( قل هو الله أحد )

  • قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ : ” أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ . ” رواه البخاري .
  • عَنْ قَتَادَةَ بْنُ النُّعْمَانِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ مِنْ السَّحَرِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لا يَزِيدُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ “.  رواه البخاري .
  • وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلا عَلَى سَرِيَّةٍ وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ رواه البخاري .
  • وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَقَالَ لِي يَا عُقْبَةُ بْنَ عَامِرٍ أَلا أُعَلِّمُكَ سُوَرًا مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلا فِي الزَّبُورِ و لا فِي الإِنْجِيلِ وَلا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهُنَّ لا يَأْتِيَنَّ عَلَيْكَ لَيْلَةٌ إِلا قَرَأْتَهُنَّ فِيهَا قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَالَ عُقْبَةُ فَمَا أَتَتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ إِلا قَرَأْتُهُنَّ فِيهَا وَحُقَّ لِي أَنْ لا أَدَعَهُنَّ وَقَدْ أَمَرَنِي بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. مسند أحمد .
  • وقال صلى الله عليه وسلم : ” من قرأ  قل هو الله أحد  عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة . ” صحيح الجامع .

هل تغني قراءة  سورة الإخلاص عن قراءة القرآن

سورة الاخلاص
سورة الاخلاص

سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن الكريم في الجزاء لا في الإجزاء ، أي أن من قرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات فله أجر قراءة القرآن العظيم ، لكن هذا لا يجزأه عن قراءة القرآن و التفكر في آيات الله و أمره و نهيه في مختلف سور و آي القرآن ، و من اقتصر على سورة الإخلاص فقط فإن هذا ليس من السنة ، و قد يكون من الهاجرين لباقي القرآن الكريم  .

فعلى المسلم أن يهتم بقراءة كتاب الله و تدبر معانيه ، و التفكر في آياته ، فانها السبيل لمعرفة الله تعالى حق المعرفة ، و خشيته سبحانه و تعالى .

زر الذهاب إلى الأعلى