الكثير منا يحب مشاهدة الأفلام والمسلسلات التي تتحدث عن المخلوقات الخارقة للطبيعة legendary creatures، ونسبة كبيرة لديها شغف هائل تجاه هذا الموضوع، لدرجة أنها تتمنى لو أن ما تشاهده من مخلوقات أسطورية تكون حقيقة، وعلى الرغم من أن المخلوقات الأسطورية ليست حقيقية، إلا أنها تكشف عن معاني أكثر عمقا، فلا يجب أن ننسى أن الإنسان هو من خلق وجودا لهذه المخلوقات، وبالتالي فكل مخلوق منها يعبر عن معنى أو هاجس أو خوف نابع من العقل الذي ابتكره، والمخلوق الأسطوري أو الخرافي هو في الغالب كائن خارق للطبيعة، أي يمتلك قدرات خارقة، ويمكن أن يكون الكائن الأسطوري هجين بين إنسان وحيوان، أو بين حيوان وحيوان، وتعج القصص والروايات والأفلام والمسلسلات بأنواع مختلفة من الكائنات الأسطورية، التي سنتعرف على أشهر ما جاء فيها الآن .

مخلوقات أسطورية ستتمنى لو أنها حقيقية

  • التنين

إذا كنا سنبدأ الحديث عن المخلوقات الأسطورية، فبالطبع يجب أن يأتي التنين ضمن القائمة، فالتنين حتى هذه اللحظة كائن أسطوري، لم يتم العثور عليه إلا في الروايات والأفلام الخيالية، ولم يتم العثور على أي أحافير تدل على وجوده في الحقيقة، إلا أن شهرة هذا الكائن الأسطوري تجعل الشك يتسلل إلى قلوبنا قليلا فيما إذا كان حقا مجرد خيال ؟! حيث أن كل الحضارات القديمة تحدثت عن التنين، فعلى الرغم من أن كل حضارة تحدثت عنه باسم مختلف، إلا أنها نفس المواصفات تقريبا، والتنين هو كائن أسطوري يشبه الزواحف، في بعض الأساطير يكون التنين له أجنحة، لكنه في أساطير أخرى لا يمتلك أي أجنحة، كما تصوره بعض الأساطير بأنه يستطيع أن ينفث النار من فمه الضخم .

يتم وصف التنين بأن له منقار طويل، وأسنان منشارية حادة مثل القرش، وأكثر أنواع التنانين شهرة : التنين الأوروبي والتنين الصيني، وجسد التنين يكون مغطى بالحراشف أو الريش، وله عيون ضخمة، وهذا سبب تسميته باسم Dragon التي تعني الرؤية بوضوح، كما أن الأساطير لم تترك تفاصيل لم تتحدث عنها، حيث أنها تقول أن التنين يبيض، ومن كل هذه الصفات نجد أن التنين يجمع بين صفات : التمساح، الثعبان، والسحلية، والتنين يرمز إلى القوة، السلطة، والحظ الطيب في الأسطورة الصينية، والشر من وجهة النظر الأوروبية .

  • العنقاء

العنقاء طائر خرافي من أشهر الحيوانات الخرافية التي لا يمكن أن نتغاضى عنها، ذكرت في الكثير من القصص مثل قصص السندباد، ألف ليلة وليلة، وغيرها، كما جاءت في عدد من الأفلام والمسلسلات، العنقاء طائر خرافي يتميز بطول عنقه، وجماله، ويعبر عن القوة والشموخ والعزة، حيث تقول بعض الحكايات أن العنقاء عند موتها تحترق بصورة ذاتية لتتحول إلى رماد، ومن هذا الرماد يولد عنقاء آخر جديد، وللعنقاء وجود في عدد من الثقافات مثل الثقافة اليونانية والصينية، وكذلك في بعض الديانات مثل الديانة المسيحية، فنجد مثلا أن العنقاء في الثقافة اليونانية يأتي كل 500 عام، حيث يأتي بعد هذه المدة طائر عنقاء واحد يضع بيضة واحدة، ليأخذها إلى مصر تحديدا إلى معبد الشمس هناك، وهذا بحسب ما ذكره الشاعر الإغريقي المعروف هيرودتس .

أما الشاعر والكاتب كلاوديانوس فقد ذكر العنقاء في العديد من أشعاره، ووصفها بأنها طائر خالد يمكنه الحياة بعد الموت، يسكن البساتين الممتلئة بالأشجار والورود، ولا يشيخ أبدا، وصوته حلو في الغناء، أما إذا نظرنا إلى الأساطير الصينية القديمة، سنجد أن العنقاء ذو رأس يشبه الديك وعنق شبيه بعنق الأفعى، وفم يشبه فم العصفور، أما ظهره فيشبه ظهر السلاحف وله ذيل كذيل السمكة، وتتعدد ألوانه المميزة، ويصل طوله إلى حوالي المترين، وهذا بحسب وصف الكاتب الصيني الشهير قه بو، أما الكاتب الصيني شوي شن قال أن أصل ميلاد العنقاء كان في الشرق، ثم انتقل إلى دول العالم بعد ذلك، وهذا ليس كل ما في الأمر، حيث أن العنقاء ذكر في الإنجيل، حيث تم تشبيه العنقاء بالسيد المسيح في أنه يموت ويعود للحياة من جديد .

  • الحصان المجنح

الحصان المجنح من الأساطير الإغريقية، التي تذخر بالعديد من المخلوقات الغريبة والعجيبة، لكن لا يقتصر وجود الحصان المجنح على الأساطير الإغريقية فقط، ولكن يوجد أيضا في الأساطير الصينية والفارسية، وإذا رجعنا إلى أصل تصوير الحيوانات المجنحة، سنجد أن الآشورين القدماء الذين سكنوا بلاد الرافدين هم أول من رسموا الحيوانات المجنحة، كالأسد المجنح ذو الرأس البشري، والثور المجنح، وغيرهم، ثم تبعهم في هذا المصريين القدماء، وظهور الحصان المجنح يرجع إلى بيلروفون البطل الإغريقي الذي أعطته أثينا آلهة الحكمة لجام سحري لكي يستطيع التحكم في جموح الحصان المجنح، وقد تمكن بيلروفون من قتل كايميرا الوحش الإغريقي الذي له عدة رؤوس، وكان سبب في بث الخوف والهلع في الممالك المحيطة .

بعدما استطاع بيلروفون بشجاعته وقوة حصانه المجنح من التخلص من كايميرا، قام الملك بتزويجه من ابنته وتعيينه وريث له، إلا أن بيلروفون أصابه الغرور بعد ذلك، وطار إلى جبل أوليمبوس وحاول تحدي آلهة الإغريق التي تسكن الجبل، لذا أمر زيوس كبير الآلهة الحصان المجنح بإلقاء بيلروفون من على ظهره، لكن أثينا أنقذته وقدمته إلى موسيس، وهي واحدة من الأخوات التسعة التي تحمي الموسيقى والشعر، وقضى بيلروفون حياته هناك في التأمل والتفكر، وتقول الأسطورة الإغريقية أن الحصان المجنح قام بوسيدون إله البحر بصنعه، ويقال أنه خلق من جسد ميدوسا ” البنت الجميلة التي مارست الجنس مع بوسيدون في معبد آثينا التي غضبت وحولتها لبنت بشعة ” بعد أن قطع بيرسيوس رأسها، وما إن ولد الحصان المجنح حتى طار للسماء .

  • أحادي القرن

يرمز أحادي القرن إلى القوة وسرعة الحركة والشراسة لذا قام النبلاء في العصور الوسطى باتخاذه شعار لهم، وأحادي القرن هو حصان أبيض له قرن واحد، تم ذكره في الأساطير الإغريقية، ويوصف أحادي القرن بأن له رأس وجسد حصان، وأرجل تشبه الفيل، وذيل مثل ذيل الدب، وله صوت عذب وشرس هو الأعذب والأشرس بين الحيوانات كلها، وتقول الأسطورة أنه لا يوجد صياد يستطيع أن يسيطر على أحادي القرن، والطريقة الوحيدة لجعله يهدأ هو وجود فتاة عذاراء تكشف عن صدرها، والتي تجعل شراسته تتوقف ليضع رأسه في صدرها ويغفو، إلا أن الفتاة إذا كانت غير عذراء فسيكتشف أحادي القرن هذا وسوف يمزقها إلى أشلاء .

وجدت في مذكرات ليوناردو دافينشي وصف لأحادي القرن بأنه عصبي للغاية، ولا يعرف السيطرة والتحكم في نفسه، إلا في وجود امرأة عذراء يهدأ في حضنها مما يجعل الصيادين يمسكون به، وقد وصفه كتسياس وهو طبيب يوناني في القرن الخامس قبل الميلاد بأنه وحش ذو جسم أبيض ورأس أرجوانية، وعيونه زرقاء وقرنه مزيج من الألوان في منتصف رأسه، وهذا القرن نفسه له قدرات خاصة، فهو قادر على الشفاء من الأمراض، وهناك بعض الأقوال التي تدعي أن وحيد القرن غير أسطوري أو خرافي، بل هو حيوان حقيقي انقرض من على سطح الأرض، لكنه ما زال يعيش في غابات في جوف الأرض .

  • طائر الرخ

طائر الرخ يرمز إلى القوة والقدرة الجسدية، حيث أنه في الأساطير يستطيع حمل الكركدن، الفيلة، وغيرها من الحيوانات الضخمة ليتغذى عليها، ذكر هذا الطائر الأسطوري في قصص ألف ليلة وليلة، وبالتالي يقال أنه كان من سكان منطقة المحيط الهندي، اشتهر طائر الرخ بأنه طائر مفترس، وأنه انقرض في القرن السابع عشر، وأنه تم العصور على بيضه في جزيرة مدغشقر والتي كانت بحجم 30 سم تقريبا، ويقال في الأسطورة أن طائر الرخ حجمه بحجم الجمل، لكنه أرفع منه وذو عنق طويل، وهو يسكن الجبال، وبالتالي فإن الدلائل تشير إلى أن طائر الرخ كان له وجود حقيقي لكنه تعرض للانقراض .

ويقول بعض العلماء أن طائر الرخ كان طائر له وجود حقيقي، إلا أن العلماء الأقدمون قد بالغو في وصفه كثيرا، فمنهم من وصفوا بأن طول جناحه يبلغ 20 كم، وأن ريشه غامق يميل إلى السواد، وأنه كان يعيش في المناطق المهجورة، إلا أننا ومع هذه الأقوال المتضاربة لا نستطيع التأكيد بعد ما إذا كان هذا الطائر أسطوري حقا أم أن كان له وجود حقيقي في وقت من الأوقات وتعرض للانقراض ؟!

شاركها.