أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الرضا

كان النبي صلّى الله عليه وسلّم دائم التبسم وكثير المرح ومفعم بالطاقة والحياة، بالرغم من كونه أشد الناس هماً، ولكنه كان دائم الرضا بما قسمه الله عز وجل، ويُحسن الظن بالله بأنه قادر على كل شيء وتلين بأمره الشدائد، وأوصانا النبي صلّى الله عليهِ وسلّم بالرضا بالمقسوم والرضا بالقضاء والقدر وما قدره الله لعباده، وكان دائم القول “قدّر الله وما شاء فعل”، كما أنه كان كثير الحمد والتهليل والتسبيح والتكبير، وكان دائم الإستغفار والدعاء، وإقتداءً بسنّة النبي الكريم فالرضا بالمكتوب أمرُ واجب، وسبب في خير كثير لاحق، فالحكمة من مضمون الكثير من الأمور بحياتنا لا يعلمها إلا الله، وما خلقنا الله ليعذبنا، وإنما ليهذبنا، وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الرضا يتبين أهمية وفضل الرضا للعباد، وجزاء الصابرين من العباد على الشدائد والبلاء.

 أحاديث عن الرضا
أحاديث عن الرضا

أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الرضا

في العديد من الأحاديث القدسية وأحاديث النبي صلّى الله عليهِ وسلم، ذكر الله أهمية التحلي بفضيلتي الرضا والقناعة بما قسمه الله تعالى لعباده، وأنه ينبغي على العبد اللجوء لله وحده في الشدائد والإبتلاء، فهو المنجي وهو الملين وهو القادر على كل شيء، وهو من كان أمره بين الكاف والنون، لتتحقق الأماني وتُستجاب الدعوات، وتُقبل التوبة.

فالعبد إذا ضاقت به دنياه دعا ربه عز وجل أن يفك كربه ويزيح همه فيكفيه الله شر سوء القدر وشر الهم والحزن، ويكمن السر في الرضا بقضاء الله، والصبر في البلاء وفي السراء والضراء، والحمد لله والشكر لله وحده، ثم يفيض الله بعدها على عبده بأنهار الفرج من عنده وحده، ويصبح السوء خير والبلاء سبب الفرح، فيسعد العبد بما أتاه الله ويحمده فيزيده الله من فضله، ويكافئه على صبره وإستعانته بالله وحده، فيُكتب العبد عند الله من الصابرين.

وفي الحديث التالي يوضح الله عز وجل أنه لا ملجأ منه إلا إليه، ولا يستعين العبد بأي مخلوق ولكن يستعين بالله وحده وهو مؤمن بأن الشدة سوف تزول وتمضي، ولكن الفرح بعدها يثلج القلوب ويروي الأرواح العطشة بالراحة والسكينة:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلم أنه قال: “ألا أدُلُّكَ على كلمةٍ من تحتِ العرشِ من كنزِ الجنَّةِ ؟ تقول : لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهفيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّأسلَمَ عبدي واستسلمَ ولا ملجأَ ولا منجأَ من اللهِ إلا إليهِ.

أحاديث الرسول عن الرضا

  • عن العباس بن عبدالمطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَن رَضِيَ باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا.”

فالدنيا دار الشقاء، ومن رضى بقضاء ربه أذاقه الله طعم السعادة، وهي مبتغى الإنسان في الدنيا الذي لن يدركه، إلا الصابرين والراضين بقضاء الله، فإن الله يذيقهم من السلام والسكينة بالقلوب والسعادة بالدنيا وجزاؤهم الجنة بغير حساب، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم، والذي رواه عبد الله بن عمر:

  • “لمَّا نزَلت: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261] قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ربِّ زِدْ أمَّتي ) فنزَلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245] قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ربِّ زِدْ أمَّتي ) فنزَلت: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (سورة الزمر: آية 10)
  • وعن أبو سعيد الخدري يقول: “أخَذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدي فقال: “يا أبا سعيدٍ، ثلاثةٌ مَن قالهُنَّ: دخَل الجَنَّةَ”، قُلتُ: ما هُنَّ يا رسولَ اللهِ؟ قال: “مَن رضِي باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دِينًا، وبمحمَّدٍ رسولًا”، ثُم قال: “يا أبا سعيدٍ، والرابعةُ لها منَ الفضْلِ كما بيْنَ السَّماءِ إلى الأرضِ، وهي: الجِهادُ في سبيلِ اللهِ”.
  • عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلّم أنه قال: “قَدْ أَفْلَحَ مَن أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بما آتَاهُ.”
 أحاديث الرسول عن الرضا
أحاديث الرسول عن الرضا

أحاديث صحيحة عن الرضا

وفي أحاديث الرسول صلّى الله عليهِ وسلّم عن الرضا بما قسمه الله، والصبر والإستعانة بالله وحده لقضاء الحاجات وتخطي الصعوبات تعني العزة وتكسب الفرد المسلم الغنى والتعفف، وتحفظ مكانته في قلوب العباد ويحفظ بذلك العبد شأنه في الدنيا، فلا يصبح مكسوراً بل مجبوراً بأمر الله، ومن الأحاديث ما توضح هذا:

  • عن سهل بن سعد: “جاءَ جبريلُ عليهِ السَّلامُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: يا محمَّدُ، عِش ما شِئتَ فإنَّكَ ميِّتٌ، وأحبِب مَن أحببتَ فإنَّكَ مُفارقُهُ، واعمَل ما شئتَ فإنَّكَ مجزئ بِهِ، ثمَّ قالَ: يا مُحمَّدُ شَرفُ المؤمِنِ قيامُ اللَّيلِ وعزُّهُ استِغناؤُهُ عنِ النَّاسِ.”
  • عن أنس بن مالك، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلّم: “إذا أرادَ اللهُ بعبدِهِ خيرًا عجَّل له العُقوبَةَ في الدُّنيا، وإذا أرادَ اللهُ بعبدِه الشَّرَّ أمسَكَ عنه بذَنْبِه حتى يوافيَ به يومَ القيامةِ”. وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحَبَّ قومًا ابتلاهُم، فمَن رَضِيَ فله الرِّضا، ومَن سَخِطَ فله السَّخَطُ.”

أدعية النبي صلّى الله عليهِ وسلّم عن الرضا

  • وكان النبي الكريم صلّى الله عليهِ وسلّم دائم الدعاء لله بالرضا والتقوى، وفي حديث النبي صلّى الله عليهِ وسّم والذي رواه أبو سعيد الخدري: “مَن قال : رضِيتُ باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دِينًا وبمُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَبيًّا وجَبَتْ له الجنَّةُ”. في صحيح بن حيان.
  • “بسمِ اللهِ على نفسي ومالي وديني اللهمَّ أرضني بقضائِك وباركْ لي في قدرِك حتى لا أحبَّ تعجيلَ ما أخرتَ ولا تأخيرَ ما عجلتَ.”
  • عن عمار بن ياسر، من أدعية النبي صلّى الله عليه وسلم: “اللهمَّ بعلْمِك الغيبِ ، وقدْرتِك على الخلقِ أحْيِني ما علمتَ الحياةَ خيرًا لي ، وتوفَّني إذا علِمْتَ الوفاةَ خيرًا لي . اللهمَّ وأسألُك خشيتَك في الغيبِ والشهادةِ ، وأسألُك كلمةَ الإخلاصِ في الرضا والغضبِ ، وأسألُك القصدَ في الفقرِ والغنى ، وأسألُك نعيمًا لا ينفدُ وأسألُك قرةَ عينٍ لا تنقطعُ ، وأسألُك الرضا بالقضاءِ ، وأسألُك بَرْدَ العيْشِ بعدَ الموتِ ، وأسألُك لذَّةَ النظرِ إلى وجهِك ، والشوقَ إلى لقائِك ، في غيرِ ضرَّاءَ مضرةٍ ، ولا فتنةٍ مضلَّةٍ . اللهمَّ زيِّنا بزينةِ الإيمانِ ، واجعلْنا هداةً مُهتدينَ”

فضل الرضا في الدنيا والآخرة

 حديث شريف عن الرضا
حديث شريف عن الرضا

تقوية الرابط الإيماني الروحاني بالله عز وجل

الرضا من الفضائل التي تزيد من إيمان المسلم بربه عز وجل، وتوثق العلاقة الروحانية بين العباد وبين الله عز وجل، فالرضا والقناعة هما سر طمأنينة القلوب وتقواها، فيطمئن العبد بأن الله لن ينساه، ولني يتركه يخوض وحده في معارك النفس والدنيا المهلكة، فيصبر العبد ويدعو الله أن يُذهب البأس، ويطمئن لجميل حلمه وكرمه، ويستعطف الله عز وجل ويطلب من فضله، فيمن عليه الله من النعم بما لم يتخيله في هذه الدنيا، ويكون جزاءه جزاء الصابرين، والذين تستقبلهم الجنة من باب الصابرين مرحبةً بهم دون حساب، جزاءً لما صبروا في الدنيا.

الوصول للسعادة

ومن فضل الرضا والقناعة على الإنسان الشعور الدائم بالسعادة، فيشعر العبد بالسرور لإنقضاء الهم وأن الله قد إستجاب لدعائه، فيزيده ذلك تقرباً لله وحده، وما القرب لله عز وجل إلا مصدر السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة.

تحقيق المستحيل

فعندما يرضى العبد بما قدره الله، فيرضيه الله عز وجل ويفيض عليه من جوده وكرمه، ويحقق له أضعاف ما يتمنى ولو كان مستحيلاً، وبالدعاء تتغير الأقدار، وتلين الصعاب وتزول الشدائد والهموم.

الفلاح في الدنيا والفوز بالآخرة

فالصابرون ينصرهم الله في الدنيا، ويذيقهم من حلاوة الإيمان، ويزيدهم من البركة والرزق، وكان جزاء الصابرين في الآخرة هو الفوز بالجنة دون حساب، واله يضاعف لمن يشاء، ويظهر ذلك في حديث النبي:

  • عن فضالة بن عبيد، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلّم أنه قال: “طوبى لِمَن هُدِيَ إلى الإسلامِ، وكان عَيشُه كَفافًا وقَنَعَ.، أي فلح وكسب وفاز بالدنيا والآخرة”.

إقرأ أيضاً

أحاديث قدسية عن التوبة إلى الله

الأحاديث النبوية الصحيحة عن الصبر

أحاديث الرسول عن النساء

زر الذهاب إلى الأعلى